أطلق تحالف دولي - عربي تقوده الولاياتالمتحدة وتشارك فيه خمس دول عربية بينها المملكة العربية السعودية، عملية واسعة تستهدف ضرب تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في سورية وعلى الحدود العراقية وقطع رأس التنظيم، بعدما انحصرت هذه الضربات في العراق فقط خلال الأسابيع الماضية. وكان بارزاً مشاركة خمس دول عربية في العمليات الجوية، بما في ذلك الغارات، في ترجمة للموقف الرسمي العربي الحازم الذي اعتبر أن تصرفات «داعش» تشوّه صورة الإسلام وليس لها علاقة بالدين الإسلامي. وأكدت المملكة العربية السعودية أنها شاركت في العمليات في إطار محاربة الإرهاب. وقال مصدر سعودي مسؤول إن القوات الجوية الملكية السعودية شاركت في عمليات عسكرية في سورية، ضد تنظيم «داعش» ولدعم المعارضة السورية المعتدلة، ضمن تحالف دولي للقضاء على الإرهاب الذي يعتبر داء مميتاً، ولدعم الشعب السوري لاستعادة الأمن والوحدة والتطور لهذا البلد المنكوب. وصدرت مواقف مماثلة للموقف السعودي من دول خليجية شاركت في الضربات، وفي حين أكد الأردن مشاركة سلاح الجو في غارات على المتشددين، أعلنت تركيا إبعاد ألف «جهادي» أجنبي كانوا في طريقهم الى سورية. وفي وقت أكدت المصادر الرسمية الأميركية أن الضربات التي شُنّت في أكثر من منطقة سورية ليست سوى البداية، أفاد ناشطون بأن قرابة 400 قتيل وجريح معظمهم من المقاتلين لكن بينهم مدنيين أيضاً سقطوا في الضربات التي نفّذتها طائرات التحالف، إضافة إلى عشرات صواريخ الكروز «توماهوك» التي أُطلقت من بوارج حربية في البحر الأحمر والخليج العربي. ولوحظ أن الضربات لم تقتصر على تنظيم «داعش» بل امتدت لتشمل مقار ل «جبهة النصرة» و «مجموعة خراسان» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» التي قال الأميركيون إنها كانت تحضّر لهجوم وشيك ضد الدول الغربية أو الولاياتالمتحدة، وإن ضرب موقعها بين محافظتي حلب وإدلب قضى على عناصرها وأحبط الهجمات التي كانت تخطط لها. كما قال المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية محمد العسكري لوكالة «فرانس برس» إن «عشرات من جهاديي الدولة الإسلامية قتلوا في ضربات أميركية استهدفت التنظيم عند الحدود السورية وكذلك في (منطقة) القائم». وأوضح مسؤولون أميركيون أن 22 ضربة وأكثر من 160 صاروخاً وقنبلة كانت حصيلة اليوم الأول للضربات العسكرية الأميركية والحلفاء الإقليميين في سورية. ووصفت القيادة العسكرية الأميركية الضربات ب «الناجحة جداً»، في وقت نفت الخارجية الأميركية أي تنسيق مع النظام السوري وتعهد الرئيس الأميركي باراك اوباما مساعدة المعارضة المعتدلة. وقال الجيش الأميركي في مؤتمر صحافي أمس إن الضربات الجوية ليلة الاثنين - الثلثاء هي «مجرد بداية» لجهود التحالف الرامية لإضعاف «داعش» وغيره من المتشددين. ورأى المتحدث الأميرال جون كيربي «إن الضربات التي وجهت الليلة (قبل) الماضية مجرد بداية». وأضاف أن الضربات كانت «ناجحة جداً» وستتواصل. وكشف إن الولاياتالمتحدة وحلفاءها العرب أطلقوا أكثر من 160 صاروخاً وقنبلة أثناء اليوم الأول من الضربات في سورية. وقال المسؤولون ان «الضربات دمرت او ألحقت أضراراً بأهداف عدة للدولة الإسلامية» في معقل التنظيم في الرقة إلى جانب أهداف على الحدود بين سورية والعراق في دير الزور والحسكة والبوكمال. وتعهد أوباما، من جهته، مواصلة الحرب ضد «داعش»، وقال ان خمس دول عربية شاركت في الضربات الجوية وهي السعودية وقطر والإمارات والبحرين والأردن. واعتبر ان «أميركا فخورة بأن تقف كتفاً بكتف مع تلك الدول باسم أمننا المشترك». وشدد أوباما قبل مغادرة البيت الأبيض إلى الأممالمتحدة في نيويورك: «مرة أخرى يجب أن يكون واضحاً لأي شخص يتآمر ضد الولاياتالمتحدة ويلحق الأذى بالأميركيين أننا لن نتسامح مع الملاذات الآمنة للإرهابيين الذين يهددون شعبنا». وتعهد أوباما ب «التحرك قدماً بخططنا المدعومة من الحزبين بالكونغرس لحشد الجهود لتدريب وتجهيز المعارضة السورية والتي تشكل التوازن البديل والأفضل ضِد داعش ونظام الأسد». ونفت الخارجية الأميركية أي تنسيق مع النظام وقالت الناطقة جان بساكي إن واشنطن «حذرت سورية بألا تقف في طريق الطائرات الأميركية ولم نطلب إذناً من النظام ولم ننسّق التحرك مع الحكومة السورية». وجاء موقفها بعد إعلان حكومة دمشق إن أميركا أبلغتها عبر العراق «قبل ساعات» من بدء الضربات. وفي نيويورك أكدت مصادر ديبلوماسية خليجية ل «الحياة» أن البيت الأبيض أبلغ قادة وفود الدول العربية الخمس التي شاركت في الضربة الجوية في سورية رغبة الرئيس أوباما في عقد اجتماع معهم فور وصوله الى نيويورك وانتهائه من إلقاء خطابه أمام قمة المناخ. وأضافت أن اللقاء كان منتظراً أن يضم قادة وفود السعودية وقطر والبحرين والأردن والإمارات في مقر إقامة أوباما في فندق والدورف استوريا. وأكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن بلاده لن تتوانى عن المشاركة في أي جهد دولي جاد، يسعى إلى حشد وتضافر العمل الدولي وتكثيفه لمحاربة الإرهاب، أينما وجد، ومهما كانت دوافعه وأسبابه، أو الجهات التي تقف وراءه، ودون تفرقة بين جنس أو لون أو مذهب عقدي. وأفيد أمس بأن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون سيستدعي البرلمان ويعلن مشاركة بلاده في الحملة على «داعش» في العراق.