أضافت تفجيرات أمس التي ضربت العراق من الشمال إلى بغداد، وراح ضحيتها ما يزيد على 300 قتيل وجريح، المزيد من الضغط على الحكومة الاتحادية التي تحاول تلبية مطالب المتظاهرين في الأنبار بإطلاق عشرات المعتقلين، واتفاق القوى السياسية على الإسراع في إقرار العفو العام وإعادة النظر في قانون المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث). وأفادت الحصيلة النهائية لضحايا ثلاثة تفجيرات استهدفت أمس مقري الحزب»الديموقراطي الكردستاني في كركوك، بزعامة مسعود بارزاني، و «الاتحاد الوطني الكردستاني»، بزعامة الرئيس جلال طالباني، في الطوز، وبلدة «طوزخرماتو» أن ضحايا التفجيرات 30 قتيلاً و 220 جريحاً، واعتبرت حكومة إقليم كردستان ذلك انعكاساً لعدم تطبيق المادة 140 من الدستور. وجاءت هجمات أمس متزامنة مع تعرض موكب تشييع النائب عيفان العيساوي الذي اغتيل في الفلوجة أول من أمس لهجمات بعبوات ناسفة. وتحمل الأطراف العراقية المختلفة تنظيم «القاعدة» الذي ينشط في مناطق وسط وغرب العراق مسؤولية الهجمات، فإن تلك الأطراف تواصل توجيه اتهامات إلى بعضها بعضاً بالتسبب في الاضطراب الأمني. وعلى رغم أن التظاهرات التي دخلت أسبوعها الرابع في الأنبار والموصل وصلاح الدين، احتجاجاً على سياسيات الحكومة، حاولت رفع أعلام إقليم كردستان لحشد الرأي العام الكردي ضد رئيس الوزراء نوري المالكي، إلا أن عرب كركوك ومعظمهم من السنة رفعوا خلال تظاهرات موازية شعارات ضد الإقليم، وطالبوا بإطلاق معتقلين. وتثير قضية «المناطق المتنازع عليها» التي تشمل بالإضافة إلى كركوك بلدات وقرى في الموصل وصلاح الدين وديالى، المزيد من المخاوف من تحولها إلى نزاع عرقي، خصوصاً مع تحرك قوات من الجيش العراقي نحو كركوك. ودعت حكومة كردستان في بيان أمس إلى «قطع الطريق أمام مثل هذه الحوادث»، عبر «إيجاد حلول جذرية وتامة للمشكلة التي تعاني منها المناطق المتنازع عليها، وفق الدستور والقانون، ومن خلال تنفيذ المادة 140». وفي محاولة لامتصاص غضب المتظاهرين في الأنبار، أعلن نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني إطلاق 70 معتقلاً جديداً، وقال خلال مؤتمر صحافي مع وزير العدل حسن الشمري ووزير حقوق الإنسان محمد شياع السوداني: «صدرت الأوامر اليوم (أمس) بالإفراج عن سبعين شخصاً وهذا إجراء يومي مستمر» لإطلاق دفعات أخرى. جاء ذلك في اختتام اجتماع عقد في مكتب رئيس «التحالف الوطني» إبراهيم الجعفري واتفق الجميع على مواصلة الاجتماعات كل ثلاثة أيام للتداول في ما تم تنفيذه من توصيات. وأفاد بيان لمكتب الجعفري أن «القوى المشاركة في الاجتماع دعت كل الكتل السياسية إلى التعاون للوصول إلى حلول حقيقية للمشاكل العالقة في البلاد، ومعالجة الخلل في الإجراءات التي تعانيها الأجهزة الأمنية والقضائية»، مشيراً إلى أنه «تمَّ الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة ملف المعتقلين، وسائر مطالب المتظاهرين مع الجهات المعنية في الحكومة والسلطة القضائية والبرلمان على أن تُقدِّمَ هذه اللجنة تقريرها في الجلسة المقبلة في مدة لا تزيد على ثلاثة أيام». وأوضح البيان أن «اللجنة المشتركة تتألف من الجعفري ونائب رئيس الوزراء القيادي في القائمة العراقية صالح المطلك، ونائب رئيس التحالف الوطني خالد العطية، والأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري، وعضو التحالف الكردستاني محسن سعدون». وأشار إلى أن «المجتمعين أكدوا ضرورة الحفاظ على وحدة العراق، والوقوف ضدّ أيِّ محاولة لإشعال الفتنة الطائفية، وتمزيق وحدة الشعب العراقيّ، كما أكَّدوا أنَّ الحوار هو الطريق الصحيح، والوحيد للوصول إلى الحلول التي تعيد إلى الجميع حقوقهم».