للتلفزيون السعودي قصته العتيقة الحاضرة على مدى عقود من الزمن، إذ كانت أوائل البوادر في الدخول لهذا الزمن التفاعلي في عام 1382ه - 1962، إذ ألقى الأمير - آنذاك - فيصل بن عبدالعزيز، «ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء»، بياناً وزارياً أعلن فيه عزم حكومة المملكة على إدخال البث التلفزيوني إلى البلاد، وتم إقراره من مجلس الوزراء بعدها ب«عام» للقيام بمشروع إنشاء التلفزيون في المملكة على مرحلتين، الأولى: بناء محطتين موقتتين في الرياضوجدة، والثانية: إنشاء نظام تلفزيوني متكامل على أسس أكثر تطوراً. في التاسع من ربيع الأول عام 1385 ه (7 تموز/ يوليو 1965)، بدأ البث الرسمي من محطتي الرياضوجدة بالأبيض والأسود، وكان الإرسال على قناة واحدة هي قناة المملكة العربية السعودية، التي تبث في فترة النهار وحتى الساعة 8 مساءً، وفي سنوات لاحقة تم إيصال البث التلفزيوني إلى عدد من المحطات في مناطق المملكة. وفي جلسة مجلس الوزراء يوم الإثنين، بتاريخ 7 رجب 1433ه، «29 أيار (مايو) 2012»، أقر المجلس تحويل التلفزيون السعودي والإذاعة السعودية إلى هيئة عامة تُسمى هيئة الإذاعة والتلفزيون، لتصبح هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية بعيداً من البيروقراطية، واستبشر العاملون فيها خيراً، بعد انقطاع الأمل في تطبيق ما أقره مجلس الوزراء قبل عشرة أعوام من تحويل التلفزيون إلى هيئة عامة 1424ه. تم ترشيح الأستاذ عبدالرحمن الهزاع رئيساً لهيئة الإذاعة والتلفزيون، وعضواً فاعلاً في مجلس الإدارة، كما كان متوقعاً لدى كثير من المتابعين بحكم قدراته وتواصله مع الجميع وخبراته في هذا المجال. قبل ليالٍ كان الاجتماع العظيم الذي غرد به «الهزاع» في «تويتر» كأن الأمور كانت لمصلحة رؤيته، وتحدث الكثير عن كسبه نقطة في مصلحة التحرك بمرونة وحصوله على صلاحيات إدارية ومالية نافذة! بعد أن كسب الهزاع جولة المفاوضات واغتنام الصلاحيات، هل سينطلق بث «كبسولته الزمنية» ليسابق الفضاء وتزاحمه... أم أن الإرث البيروقراطي في الوزارة لن ينقذه حتى خبير إداري مثل الأستاذ فهد الرويس، فما رسمه الزمن لا يستطيع تغيير دائرته إلا من هم خارج الدائرة، فهل سيكرر الهزاع المشكلة نفسها عبر تقاسم النفوذ مع المدرسة القديمة عبر الحرس القديم... أم سيغرد خارج الدائرة باحثاً عن أكاديميين ناجحين ومهنيين لهم تجربتهم الثرية والناجحة في سماء الإعلام، لنرتقي بهذا الجهاز، ومن ثم ترتفع قيمة العمل الفني؟ في أروقة الوزارة العتيقة يتحدث الموظفون عن أن التلفزيون لن يتحرك قيد أنملة، إذ «الحرس القديم» هو المسيطر على زمام الأمور بأسلوبه المتواتر، وأن الكعكة تم اقتسامها بينهم من دون النظر لطموح الرؤى الشابة في العمل التلفزيوني الاحترافي، فالوجوه نفسها لن تتغير، فقط مسمياتهم، فهي إرث بيروقراطي يمارس منذ عقود ضبابية مهنية تتحكم فيها الرؤى الشخصية لأولئك البرجوازيين، وصدق صديقنا الدكتور الأكاديمي المتجهم، الذي علمنا أبجديات العمل الإعلامي قبل أكثر من عقد ونصف العقد، عندما قال لنا في قاعة المحاضرة «التلفزيون السعودي غصب1»، بحسب وصفة، لن يتغير ولا تستطيع المهنية المحترفة اختراقه «فهناك حرس قديم» يقوم بحراسته... ليراوح مكانه! إعلامي سعودي