بدأ مركز القيادة العسكريّة الأميركيّة في أوروبا بنشر منظومة صواريخ «باتريوت» في تركيا منذ الرابع من الشهر الجاري. ويزعم الأميركيون أن هذه الخطوة تندرج في سياق دعم تركيا لحماية حدودها من الصواريخ المنطلقة من سورية. وكانت الولايات المتّحدة نقلت جزءاً من العتاد إلى القاعدة الجوّية التركيّة «انجيرليك» قرب أضنة، وأوفدت عدداً من الخبراء العسكريين الذين سيشرفون على تركيب منظومة الصواريخ وإدارتها، وسيتواصل نقل العتاد بحراً إلى ختام هذا الشهر. وترى موسكو أن واشنطن تخفي دواعيها الحقيقيّة، وأن حلف «الناتو» يتستر على أهداف نشر منظومة «باتريوت» على الأراضي التركيّة ولا يكشف كل نياته. وهي تحسب أن «الناتو» استغل الأزمة السورية والطلب التركي، ليصيب اكثر من عصفور بحجر واحد. فالقول إن الصواريخ ترمي إلى جبه الخطر الآتي من سوريّة ما هو إلا جزء من الحقيقة. ولا يقتصر دور منظومة «باتريوت» على حماية تركيا من سورية فحسب، بل هو يواجه كذلك الخطر الإيراني. ويرى الخبراء الروس أن خريطة نشر منظومة الصواريخ تشير إلى هدف مزدوج: الجبهة السوريّة والجبهة الإيرانيّة. وهذا الانتشار يخدم مصالح أميركا إذا قررت شن هجوم على إيران من الأراضي التركيّة، فيما صواريخ «باتريوت» تحمي تركيا من الضربات المعادية. ويشير الخبراء إلى أن خريطة نشر المنظومة تؤدي دوراً بارزاً في حماية الرادارات الأميركيّة المنتشرة في أوروبا، كجزء من المنظومة الدفاعيّة الموجهة وفق زعم أميركا ضد إيران. ويعتبر خبراء آخرون أن المنظومة ترخي فوق مناطق نشاط المعارضين السوريين مظلة تحميهم إلى عمق 200 كيلومتر داخل الأراضي السورية. والمظلة هذه ترسي منطقة حظر جوي، وإذا أرسيت، أفلحت واشنطن في الالتفاف على قرارات مجلس الأمن. وإذا شن اعتداء على سورية من الأراضي التركيّة، توتّرت العلاقات التركيّة - الروسيّة واضطربت الأوضاع في حوض البحر الأسود. لكن الموقف التركيّ يؤكد أنّ لا خلاف مع روسيا، ويعتبر أن الطلقات والصواريخ الطائشة لم تصدر عن قوات سورية، وأن موسكو ليست مسؤولة عن استهداف المقاتلة التركيّة وأن لا مسوّغ للنزاع بين الدولتين. ومنظومة «باتريوت» ليست إلا لحماية الحدود التركيّة من هذه الأخطار، لكن مثل هذا الكلام لا يلقى أصداء في موسكو. * صحافي، عن صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الروسيّة، 5/1/2013، إعداد علي شرف الدين