يواجه زعيم «الاستقلال» المغربي حميد شباط ضغوطاً من أجل الوفاء بتعهدات انتخابية كان عرض فيها إلى أولوية تعديل حكومي يشمل بعض وزراء حزبه في حكومة عبدالإله بن كيران. وسرّبت المصادر ما يشبه ملاسنة كلامية بينه وبين رئيس الحكومة في اجتماع زعامات الغالبية النيابية تردد خلاله أن شباط قد يكون هدد بانسحاب حزبه من الائتلاف الحكومي، في مقابل عدم إذعان رئيس الحكومة إلى طلبه، إلا في حال كان موضع اتفاق بين مكونات الائتلاف الذي يضم أحزاب العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية. لكن مراقبين لا يستبعدون أن تكون التسريبات تندرج في إطار «حرب نفسية» لإضعاف وضع «العدالة والتنمية» في الحكومة، بخاصة أن استمرار ولايته يظل رهن دعم الغالبية النيابية، وقد يُصبح مُكرهاً على استبدال تحالفاته في حال اضطر إلى ذلك. غير أن مثل هذا السيناريو قد لا يفرض نفسه الآن، بخاصة أن استحقاقات إقرار الموازنة المالية للعام المقبل تحتّم تماسك الحكومة في مواجهة انتقادات المعارضة. كما أن مرور أقل من عام على تشكيل حكومة عبدالإله بن كيران لا يسمح بتقويم أدائها بصورة قطعية. في سياق متصل، لاحظت المصادر أن قيادياً في الأمانة العامة ل «العدالة والتنمية» عاود التأكيد أمس أن ما يجمع مكونات الائتلاف الحكومي «تحالف سياسي متين مبني على عقيدة سياسية مشتركة». وشرح عبدالعالي حامي الدين بأن ذلك الائتلاف «فرضته ظروف سياسية معينة في مقدمها نتائج الاقتراع الاشتراعي في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، على رغم غياب رابط إيديولوجي أو سياسي». ورأى أن الأحزاب الأربعة أبرمت ميثاق الغالبية الذي يرتكز على المشاركة في العمل والفعالية في الإنجاز وشفافية التدبير والتضامن في المسؤولية، ما اعتبره «وثيقة تعاقدية» استندت إلى المرجعية الدستورية والبرنامج الحكومي. لكنه سجّل وجود أطراف من خارج ذلك الائتلاف «لا يروقها التحول الحاصل» في البلاد، عدا عن أن هناك أطرافاً من ذوي النفوذ وأصحاب المصالح لها تجربة سابقة في عرقلة الإصلاح». واستدل على ذلك بما عرفته تجربة التناوب التي قادها الزعيم الاشتراكي عبدالرحمن اليوسفي. وأفادت مصادر حزبية بأن شباط لا يبدو أنه ينظر بارتياح إلى بعض وزراء حزبه الذين ساندوا منافسه عبدالواحد الفاسي أثناء ترشحه للأمانة العامة للحزب التاريخي، خصوصاً لناحية إلزام الوزراء الاستقلاليين بالانضباط بالقواعد الحزبية. لكنها أوضحت أن ذلك لا يعني مغامرة شباط بفك تحالفه الحكومي إلا في حال ظهور معطيات لا تترك له خياراً آخر. ومنذ انتخابه أميناً عاماً، ساد اعتقاد بأن شباط لن يسير على نهج سلفه رئيس الحكومة السابق عباس الفاسي. ولوحظ أنه حرص على مد قنوات الاتصال مع الاتحاد الاشتراكي الذي كان إلى وقت قصير شريكاً محورياً لحزب الاستقلال في تحالف سياسي قبل اختياره العودة إلى صفوف المعارضة. غير أن معاودة الحوار بين الحزبين اللذين كانا يشكلان العمود الفقري ل «الكتلة الديموقراطية» يبقى رهين الموقف الذي سيتبناه المؤتمر المقبل للاشتراكيين، وإن كان الراجح أن يدفع في اتجاه استمرار معارضته حكومة بن كيران. وتتوقع مصادر مطلعة أن حميد شباط سيتمسك بإجراء تعديل حكومي من دون إقرار قطيعة مع الإسلامي بن كيران، أقله في الفترة الراهنة.