هدد الرئيس السوداني عمر البشير أمس بحظر نشاط مناهضيه من قوى التحالف المعارض بعد توقيعهم اتفاقاً مبدئياً مع تحالف متمردي «الجبهة الثورية السودانية»، وأمر وزارة الداخلية ببسط الأمن في مناطق بولايات دارفور وكردفان تشهد مواجهات قبلية خلّفت مئات القتلى والجرحى. وأكد البشير ترحيب حكومته بكل من يود أن يمارس دوره السياسي وحقوقه السياسية وفقاً لقانون الأحزاب والقوانين السارية في البلاد. لكنه شدد، طبقاً لما نقله عنه وزير الداخلية إبراهيم محمود حامد عقب لقائه به، أن «الدولة لن تسمح لقوى تتعامل مع التمرد والخارجين على القانون بأن تمارس عملاً سياسياً وهي تدعو إلى العنف واستخدام السلاح لتداول السلطة». وأمر البشير وزارة الداخلية باستعجال كل ما هو مطلوب لحفظ وبسط الأمن والطمأنينة في البلاد وبخاصة في المناطق التي تشهد نزاعات قبلية في بعض الولايات. وأوضح حامد أنه اطلع البشير على الأوضاع الأمنية في البلاد وبخاصة الأحداث في منطقة الفولة بولاية جنوب كردفان ومحافظة السريف بولاية شمال دارفور. وتحدث وزير الداخلية عن إجراءات عاجلة تمهد للصلح بين المجموعات القبيلة المتنازعة في الولايتين. وكانت قوى تحالف المعارضة وتحالف متمردي «الجبهة الثورية السودانية» وبعض المنظمات الشبابية والمجتمع المدني وقّعت في كمبالا ميثاقاً أطلقت عليه «الفجر الجديد» يهدف إلى إسقاط الحكومة السودانية بالوسائل كافة. وأوقفت الأجهزة الأمنية خلال اليومين الماضيين عدداً من قيادات القوى السياسية المنضوية تحت تحالف المعارضة فور عودتهم إلى الخرطوم بعد المشاركة في الاجتماعات التي تمخض عنها الاتفاق المبدئي. وأكد تحالف المعارضة أن المشاركين في مؤتمر كمبالا نجحوا في تقريب وجهات النظر بين الحركات المسلحة والقوى السياسية ما يوقف الحرب ويحقق الاستقرار ويؤمن وحدة الوطن وسيادته وأمنه القومي وهو الأمر «الذي فشل وفرّط فيه» حزب المؤتمر الوطني الحاكم. إلى ذلك، تصاعدت المواجهات في إقليم دارفور بين القوات الحكومية والمتمردين، وارتفع عدد ضحايا الاقتتال بين مجموعات قبلية في ولاية شمال دارفور إلى مئات القتلى والجرحى. وقالت البعثة الأممية الأفريقية المشتركة في دارفور «يوناميد» إنها تلقت معلومات من مسؤول محلي في ولاية وسط دارفور بسقوط منطقتين في جبل مرة في يد المتمردين. وذكرت «يوناميد» أن حاكم ولاية وسط دارفور يوسف تبن أبلغها أن مجموعة مسلحة استولت على بلدتي جولو وروكيرو في منطقة جبل مرة، موضحة في بيان أن نحو 850 عائلة ترك أفرادها ديارهم وفروا إلى قرية نرتيتي بسبب المعارك، ويعتقد أن عائلات أخرى تهيم في الجبال بحثاً عن ملاذ آمن. لكن الناطق باسم الجيش العقيد الصوارمي سعد اكد أن الجيش صدّ هجوماً شنه متمردو «حركة تحرير السودان» برئاسة عبدالواحد النور على المنطقة نفسها وأن أكثر من 30 مقاتلاً لقوا حتفهم في هذا الاشتباك. غير أن الناطق باسم الفصيل إبراهيم الحلو قال إن قواته تسيطر سيطرة كاملة على منطقة جولو بعد صد هجوم للجيش، مشيراً إلى مقتل عدد كبير من القوات الحكومية. كما تواصلت عمليات القتل وحرق القرى والاشتباكات لليوم الرابع على التوالي بين مجموعة الإبالة وقبيلة بني حسين في ولاية شمال دارفور وسط عمليات نزوح واسعة النطاق وفرار الآلاف صوب محافظتي كبكابية وسرف عمرة في ظروف إنسانية سيئة. وأعلن محافظ محلية السريف هارون حسين جامع ارتفاع عدد قتلى المعارك المتصاعدة منذ خمسة أيام بين الرزيقات الإبالة وقبيلة بني حسين إلى 31 قتيلاً و65 مصاباً، مشيراً إلى أن حصر الجثث لا يزال مستمراً، وتوقع ارتفاع أرقام الضحايا. وأفاد جامع في تصريح إلى «الحياة» هاتفياً أمس بأن المحلية تعرضت إلى هجوم بالجمال والخيول والسيارات من مجموعات مدججة بالأسلحة الثقيلة، مبيناً أن الهجوم المستمر أدى إلى حرق 25 قرية ونهب المواشي فيها. وأعلن أن حكومة ولاية شمال دارفور أغلقت منجم منطقة جبل عامر لتعدين الذهب في محافظة السريف بني حسين الذي بدأت منها المواجهات القبلية، مؤكداً استحالة استمرار التنقيب في ظل هذه الأوضاع. بيد أن الزعيم القبلي في دار بن السريف عمر محمد النو أكد ل «الحياة» مقتل ما لا يقل عن 100 شخص وإصابة أكثر من 300 جراء تجدد المواجهات، مشيراً إلى أن المجموعة القبلية المسلحة اعتدت بالمدافع والصواريخ على أكثر من 20 قرية في محلية دار بن السريف وأحرقت غالبيتها. وأشار إلى أن المجموعات المسلحة غزت قرى مرتمبو وأم جروا وجاب الله وخضيرة والعدار والجهير والمندرا وسابو والكباية وأبو سارة وغيرها، وأحرقتها بالكامل. وقال إن الآلاف نزحوا إلى رئاسة المحافظة، بينما هناك مئات المفقودين. وناشد الحكومة الاتحادية التدخل لاحتواء الأحداث. من جهة أخرى، أعلن وزير النفط والتعدين في جنوب السودان ستيفن ديو داو أن بلاده اتفقت مع شركات إسرائيلية تعمل في مجال النفط والتعدين أبدت استعدادها للاستثمار في هذا المجال، دون تحديد طبيعة العرض الإسرائيلي والمقترحات الخاصة بالاستثمار. وأوضح الوزير الجنوبي في تصريحات إلى الصحافيين عقب عودته على رأس وفد من الوزارة قادماً من تل أبيب، أنه التقى خلال زيارته مجموعة من المسؤولين والمستثمرين الإسرائيليين الذين أبدوا رغبتهم في الاستثمار في صناعة النفط والتعدين، وأشار إلى أن المفاوضات ما زالت جارية مع الجانب الإسرائيلي بغية التوصل إلى اتفاق.