اشتعلت الأوضاع الأمنية في ولاية دارفور بين القوات الحكومية والمتمردين من جهة وبين مجموعات قبلية عربية تدور بينها مواجهات بالأسلحة الثقيلة من جهة أخرى، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا وفرار عشرات الآلاف من المدنيين. وتدخل الجيش لاحتواء النزاعات القبلية التي عطّلت إنتاج الذهب في ولاية شمال دارفور. وقال الناطق باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد، إن الجيش تصدى إلى هجوم من قوات «حركة تحرير السودان» برئاسة عبدالواحد محمد نور على منطقة جلدو في جبل مرة وكبدهم خسائر فادحة وقتل أكثر من 30 عنصراً من المتمردين. وذكر أن المتمردين فروا بعدما طاردهم الجيش وكبدهم خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، نافياً سيطرتهم على المنطقة. وقال إن القوات الحكومية تجري عملية تمشيط واسعة للقضاء على «بؤر التمرد». بيد أن الناطق باسم «حركة/جيش تحرير السودان» نمر عبدالرحمن قال إن قواتهم صدت هجوماً من قوات حكومية في منطقة جلدو. وزعم أن قوات الحركة تمكنت من الاستيلاء على 11 سيارة محملة بالأسلحة وتدمير 25 سيارة أخرى، كما أحصت 70 قتيلاً من القوات الحكومية، في حين تم أسر آخرين. كما قتل مواطنون وأصيب العشرات في أحداث عنف في منطقة جبل عامر في ولاية شمال دارفور (الغنية بالذهب) بين العرب الأبالة وقبيلة بني حسين، ما أدى إلى تدخل الجيش لحماية قرى السريف وسرف عمرة وكبكابية من هجمات انتقامية. وقالت حكومة ولاية شمال دارفور إن الأحداث التي شهدتها منطقة التنقيب عن الذهب في جبل عامر غرب مدينة كبكابية (حيث يتم انتاج نحو 70 كيلوغراماً من الذهب يومياً ويعمل نحو 60 ألفاً من المعدنيين) بدأت بصورة فردية وسرعان ما تصاعدت إلى صراع بين العرب الأبالة وقبيلة بني حسين. ونُقل عشرات الجرحى إلى مستشفيات السريف وسرف عمرة. واتهم حاكم ولاية شمال دارفور عثمان محمد يوسف كبر أطرافاً باستغلال جهات في الاقتتال وممارسة النهب لممتلكات المواطنين، مؤكداً تدخل الجيش لفض النزاع. وقال نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم في محافظة السريف، حسين محمد المهدي حامد، إن عشرات السيارات المدججة بالأسلحة هاجمت نحو 20 قرية تقع حول مدينة السريف حسين وأحرقتها بالكامل في عملية «تصعيد متعمد» لأحداث جبل عامر، مؤكداً مقتل وإصابة 120 شخصاً على الأقل وسط غياب المنظمات الانسانية وحالات نزوح استمرت حتى نهار أمس. وأشار إلى أن بلدة السريف محاصرة من الاتجاهات كافة من جماعات مسلحة بآليات ثقيلة وقاذفات «آر بي جي» و «دوشكا» ومدافع هاون. من جهة أخرى دعا مجلس الأمن الدولي بعد جلسة مغلقة السودان وجنوب السودان الى تسريع تنفيذ اتفاقاتهما المشتركة وتجاوز القضايا العالقة. وحمل السفير السوداني لدى الأممالمتحدة دفع الله الحاج علي عثمان دولة جنوب السودان مسؤولية تأخير تطبيق المنطقة الآمنة المنزوعة السلاح بين حدود الدولتين، وذلك لعدم فك الارتباط بين جيش جنوب السودان وبين متمردي «الحركة الشعبية - الشمال» في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. غير أن السفيرة الأميركية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس شددت على ضرورة تطبيق السودان وجنوب السودان الاتفاقات المشتركة، وأن يعمل مجلس الأمن بشكل جماعي للضغط من أجل توفير الوصول الإنساني للمحتاجين. وطالبت رايس الخرطوم وجوبا الانتقال من مرحلة الكلام والتصريحات إلى العمل من خلال تطبيق الاتفاقات التي توصلا إليها في أديس أبابا في أيلول (سبتمبر) الماضي من دون مزيد من التأخير. مكافأة للقبض على قتلة ديبلوماسي على صعيد آخر، عرضت السلطات الأميركية مكافأة بقيمة عشرة ملايين دولار للقبض على سودانيين اثنين من قتلة ديبلوماسي أميركي وسائقه في السودان قبل خمس سنوات وكشفت أن الخطوة تمت بالتنسيق مع الخرطوم. وأعلنت الخارجية الأميركية في بيان أن المكافأة هي للقبض على عبدالباسط حاج الحسن حاج حمد ومحمد مكاوي إبراهيم محمد، المدانين بقتل الديبلوماسي الأميركي جون غرانفيل الذي عمل في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وسائقه في السودان عبدالرحمن عباس، عندما أطلق المسلحان عليهما النار في الخرطوم ليلة رأس السنة عام 2008. ويعتقد أن الرجلين يختبئان في الصومال بعدما فرا من السجن بعد صدور الحكم عليهما بالإعدام في هذه الجريمة. وأدرجت وزارة الخارجية المدانين على قائمة الإرهابيين، وجمدت أي أرصدة لهما في الولاياتالمتحدة. ودانت محكمة سودانية الرجلين بجريمة القتل في 2009 وحكمت عليهما بالإعدام، ولكن في حزيران (يونيو) 2010 فرا مع سجينين آخرين شريكين لهما من السجن بعدما حفرا نفقاً في عملية قُتل فيها ضابط شرطة سوداني وجرح آخر. وكان عبدالباسط الحسن ومحمد مكاوي ظهرا في شريط فيديو نشر مؤخراً على الانترنت يكشف تفاصيل هروبهما من سجن كوبر الحصين في شمال الخرطوم. واعتقلت السلطات السودانية المدان الثالث عبدالرؤوف أبوزيد محمد حمزة نجل زعيم جماعه أنصار السنة، بينما فر الرابع مهند نجل الوزير السابق عثمان يوسف محمد إلى الصومال وقتل هناك. وقال مساعد مسؤول الشؤون الإفريقية في الخارجية الأميركية أريل غاست في مؤتمر صحافي من واشنطن عبر خدمة «الفيديو كونفرس» نظمته السفارة الاميركية في الخرطوم أمس، إن خطوة إعلان مكافأة لمن يدلي بمعلومات عن اثنين من المدانين بقتل غرانفيل وسائقه السوداني، تمت بالتنسيق مع الحكومة السودانية قبل اصدارها بصورة رسمية. وأكد أن بلاده ليس لديها معلومات عن مكان وجود عبدالباسط الحاج ومحمد مكاوي ولا تريد أن تفصح عن أي معلومات تخص قضيتهما. وأضاف غاست: «ليس لنا دليل على دخولهما الصومال». يشار إلى أن الجماعات السلفية والتكفيرية تزايد وجودها وخطرها في السودان حيث دارت معارك آخر العام الماضي في غابة الدندر جنوبالخرطوم بين جماعة متشددة والشرطة السودانية. وكان أفراد هذه الجماعة يتدربون هناك قبل إرسالهم الى مالي والصومال للقتال هناك.