ستقع على عاتق قبرص، التي تولّت أمس الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي لستة شهور، مسؤولية إنقاذ منطقة اليورو من الفوضى المالية، في حين طلبت الجزيرة من بروكسيل وصندوق النقد الدولي خطة مساعدة لدعم مصارفها. ويُتوقع أن يصل مسؤولون في المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي هذا الأسبوع إلى قبرص لتقويم وضع النظام المصرفي والمالية العامة، وتحديد حاجات الجزيرة المالية، والإصلاحات التي يجب تطبيقها. ورأت المحللة المالية فيونا مولن أن الوضع معقد، إذ يجب أن تنظم قبرص النقاشات حول موازنة الاتحاد الأوروبي للسنوات السبع المقبلة، وفي الوقت ذاته معالجة وضعها الاقتصادي المضطرب، مضيفة أنه «سيكون من المحرج لأي بلد تولي الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي والطلب في الوقت ذاته المال من شركائه». وتابعت أن الشروط للحصول على مساعدة أوروبية ستكون صعبة جداً لأن الحكومة ماطلت قبل اتخاذ تدابير لتصحيح حساباتها. وعلى قبرص تأمين 200 مليون يورو عبر رفع الضرائب مجدّداً للتحقق من أن عجز الموازنة سيتراجع من 6.3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي عام 2011، إلى أقل من ثلاثة في المئة هذه السنة. وأكدت الحكومة أنها لن تمس بضريبة ال10 في المئة المفروضة على الشركات، التي تُعد نسبة منخفضة جداً في الاتحاد الأوروبي وتسمح بجذب عدد كبير من الشركات الأجنبية، في حين سيحاول المسؤولون الأوروبيون خفض النفقات العامة وإصلاح مؤشر نظام الأجور ومراقبة البنوك التعاونية. ويسعى الرئيس القبرصي ديمتريس خريستوفياس إلى الحصول على قرض من روسيا أو الصين لتخفيف القيود المفروضة من الاتحاد الأوروبي، بينما حصلت قبرص حتى الآن على قرض قيمته 2.5 بليون يورو من موسكو. وتأثرت قبرص، خامس دولة في منطقة اليورو تطلب مساعدة من الاتحاد الأوروبي، بالأزمة اليونانية، إذ يملك الكثير من مصارفها كميات كبيرة من السندات السيادية اليونانية التي تراجعت قيمتها كثيراً. ويقدر محللون حاجات قبرص، ثالث أصغر اقتصاد في منطقة اليورو، بنحو 10 بلايين يورو، كما ستحتاج الحكومة إلى 2,3 بليون يورو على الأقل لإعادة رسملة أكبر مصرفين وهما «مارفن بوبولار بنك» و «بنك أوف سايبرس». وأشار خبير الاقتصاد كوستاس أبوستوليدس إلى أن إجراءات التقشف التي تتوقعها وكالات التصنيف الدولية ستدفع بقبرص إلى وضع سلبي، مضيفاً أن «بلداً يشهد انكماشاً لا يجب أن يُجري اقتطاعات في الموازنة». ورأى أن في حال تقدمت قبرص بطلب للحصول على قرض من الخارج، فذلك سيعزز موقعها في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي. وحاول وزير المال فاسوس شيارلي تبديد مخاوف القبارصة الذين تأثروا بزيادة الضرائب وبنسبة بطالة مرتفعة غير معهودة تقدر ب10 في المئة، في حين سجل الاقتصاد انكماشاً نسبته 1,6 في المئة خلال الفصل الأول من السنة، وقد يضطر السكان إلى الخضوع لخطة تقشف مماثلة لتلك المطبّقة في اليونان. وأبدى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون أمس استعداده للدعوة إلى استفتاء عام حول عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي عندما يحين الوقت. وكتب كامرون في مقال نشرته صحيفة «صنداي تلغراف» أنه «يريد منح الناخبين البريطانيين خياراً حقيقياً، غير أن الدعوة إلى استفتاء فوري ليس مطلوباً من قبل الغالبية على رغم أن الحاجة لضمان موقع بريطانيا في اتحاد أوروبي متطور تحظى بدعم قوي من الشعب البريطاني، لكنه في حاجة إلى إظهار صبر تكتيكي واستراتيجي». وتابع أنه لا يتفق مع المطالبين بترك الاتحاد الأوروبي والدعوة إلى استفتاء فوري حول عضوية بريطانيا فيه «لأنه يعتقد أن ذلك لا يصب في مصلحة البلاد الآن. وهناك مزيد من الإجراءات في المستقبل وربما المزيد من المعاهدات التي يمكن أن تخدم هذه المصالح، وتحمي السوق الموحدة، وتبقي بريطانيا بعيداً من أوروبا الاتحادية».