في وقت سرت أنباء عن أن أربعة من المدانين باغتيال ديبلوماسي أميركي فروا إلى الصومال بعدما نجحوا في الهرب من سجن كوبر في الخرطوم بمساعدة قدّمها لهم تنظيم «القاعدة»، ثار جدل في الساحة السياسية السودانية في شأن موقف الحزب الاتحادي الديموقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني من المشاركة في الحكم. وحمل الناطق باسم الحزب الاتحادي حاتم السر في شدة على وزير الإعلام كمال عبيد واتهمه ب «الكذب والافتراء» على حزبه بعدما أعلن أن حزب الميرغني وافق على المشاركة ولكن في «الوقت الضائع». ورد عبيد أمس بوثيقة تحمل موافقة الحزب على المشاركة. ووصف السر، في بيان صحافي، تصريحات عبيد في شأن تلقّي حزب المؤتمر الوطني الحاكم طلباً للمشاركة في الحكومة من قبل الحزب الاتحادي الديموقراطي بأنه «محض افتراء» ومزايدة الهدف منها إظهار قيادات الحزب الاتحادي وكأن بعضهم مع المشاركة والآخر ضدها. وزاد: «هذا الكلام غير صحيح وترديده لم يعد مقبولاً ولن نسمح به وسيكون ردنا عليه حاسماً وقاطعاً». وأكد السر أن الذي روّج لذلك ينطلق من شعوره بهزيمة نفسية كبيرة واحساسه بعزلة سياسية حادة بعد رفض الحزب الاتحادي المشاركة في الحكومة التي جاءت نتيجة انتخابات مزورة «بشهادتهم هم أنفسهم قبل غيرهم». وزاد: «لا نسمح لأحد أن يزايد على حزبنا وقيادته وتاريخه ومواقفه، ولن نسمح بأن تكون سمعة ومكانة الحزب الاتحادي والاتحاديين عرضة لأي أذى أو إساءة أو شماتة من أي جهة كانت، وهذه مسؤوليتنا وسنتحملها كاملة». وأضاف السر إنه يشعر بالسعادة حينما يغضب ذوو الوزن الثقيل من قيادات الحزب المؤتمر الوطني الذين يعتبرون أنفسهم «مالكي البلاد»، في تلميح إلى الدكتور عبيد. وتحداه أن يعلن أدلته التي تدعم صحة تصريحاته وتفيد بأنه تلقى مذكرة من قبل الحزب الاتحادي تطالب بالمشاركة في الحكومة. وأبدى ارتياحه ازاء قرار حزبه برفض المشاركة في الحكومة الجديدة، ووصفه بأنه جاء انحيازاً واضحاً لرغبات الاتحاديين المعقودة على رفض المشاركة، وانعكاساً للمزاج الاتحادي الذي يدعو إلى الابتعاد عن ارتكاب جريمة المشاركة في السلطة الحالية مهما كانت النسبة المخصصة للحزب. لكن الحزب الحاكم وزع أمس وثيقة بتوقيع مقرر الهيئة القيادية للحزب الاتحادي الديموقراطي بابكر عبدالرحمن بابكر معنونة إلى الدكتور كمال عبيد تنص على «موافقة الحزب الاتحادي على المشاركة في الحكومة القادمة على كافة المستويات حسب ما أبلغكم به عضوا الهيئة القيادية أحمد علي أبو بكر وأحمد سعد عمر». وجاء في الوثيقة بتاريخ 13 حزيران (يونيو) الجاري في يوم اعلان تشكيل الوزارة الجديدة: «الهيئة القيادية لحزبنا تتطلع لتصوركم للمشاركة حتى نوافيكم بمرشحينا في المواقع المختلفة». إلى ذلك، جددت الخارجية السودانية طلبها من مصر لعب دور أكثر ايجابية تجاه السودان وأكدت متانة العلاقات السودانية - المصرية وشددت على أنها غير قابلة للاهتزاز. وقال الناطق باسم الخارجية السودانية معاوية عثمان خالد إن وزير الخارجية علي كرتي التقى أمس السفير المصري في الخرطوم عفيفي عبدالوهاب وناقشا العلاقات بين البلدين والسبل الكفيلة بتطويرها إلى جانب تفعيل العمل الثنائي المشترك في المجالات كافة. ونفى في تصريحات صحافية أن يكون هناك استيضاح أو تساؤل من مصر في شأن تصريحات كرتي الأخيرة عن الدور المصري في السودان «وإنما تشاور قائم على كافة المستويات والموضوعات». وأضاف أن حديث وزير الخارجية علي كرتي في ندوة عن الوحدة والانفصال تناوله الإعلام «خارج سياقه الزماني والمكاني والموضوعي»، مؤكداً أن حديث كرتي «كان واضحاً ومحدداً وركّز على طلب مصر لعب دور أكبر وأكثر فاعلية وايجابية في الشأن السوداني وهذا ما تم تبليغه للسفير المصري». وكان كرتي قد وجه انتقادات إلى مصر ودورها الضعيف تجاه قضايا سودانية مؤثرة في العمق الاستراتيجي لمصر. من جهة أخرى، كشفت مصادر سودانية مطلعة أمس أن المدانين الأربعة بمقتل الديبلوماسي الأميركي جون غرانفيل وسائقه السوداني عبدالرحمن عباس الذين فروا من سجن كوبر قبل عشرة أيام غادروا البلاد. وأكدت المصادر ذاتها أن المتهمين سلكوا طريق شرق السودان واتجهوا نحو الصومال للانضمام الى المجموعات المتطرفة هناك، موضحة أن عدم وجود شرطة دولية في الصومال يشجع الجناة على اللجوء إليه. واستنفرت الشرطة قواتها في العاصمة والولايات للبحث عن المدانين بحكم الإعدام وإلقاء القبض عليهم بعدما تضاربت المعلومات حول أماكن وجودهم. وقال مسؤول المباحث في الشرطة اللواء عابدين الطاهر ان هرب المتشددين الاربعة سبب حرجاً بالغاً لحكومته. ودانت محكمة سودانية كلاً من محمد مكاوي وعبدالباسط حاج الحسن ومهند عثمان يوسف وعبدالرؤوف أبو زيد محمد حمزة بقتل غرانفيل وسائقه وأمرت بإعدامهم شنقاً. ورجح مسؤولون في الشرطة الدولية ان يكون تنظيم «القاعدة» وراء هروب قتلة غرانفيل. ولمحت وزارة العدل الاميركية إلى مشاركة وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» ومكتب التحقيقات الفيديرالي «اف بي آي» في ملاحقة القتلة وإحضارهم إلى الولاياتالمتحدة وتقديمهم إلى محكمة أميركية. على صعيد آخر (رويترز)، قالت بعثة حفظ السلام المشتركة التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور إن مسلحين قتلوا ثلاثة جنود روانديين من أفرادها أمس الإثنين في أحدث هجوم ضمن موجة هجمات على القوة. وقال مسؤول من القوة ل «رويترز» مشترطاً عدم ذكر اسمه «قتل ثلاثة من أفراد بعثة حفظ السلام وأصيب رابع بجروح خطيرة اليوم (أمس) في معركة متواصلة مع مهاجمين مجهولين». وأضاف أن جنود حفظ السلام هوجموا قرابة الساعة 11.30 صباحاً (08.30 بتوقيت غرينتش) وهم يحرسون مهندسين يقومون ببناء قاعدة جديدة للقوة قرب مستوطنة نييرتيتي في منطقة شرق جبل مرة في ولاية غرب دارفور.