يواجه رهان جماعة «الإخوان المسلمين» على مشروع قانون «الصكوك الإسلامية» لإنقاذ الوضع الاقتصادي المتردي معارضة شاملة من القوى السياسية فضلاً عن اعتراض الأزهر الشريف، بسبب سماح المشروع لكل أنواع الشركات الخاصة والمساهمة والبنوك وهيئات الدولة بإصدار صكوك إسلامية في السوق بهدف جمع الأموال لتمويل خططها المستقبلية. وأبدى مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر اعتراضاً على مشروع القانون الذي قدم إليه من قبل الحكومة لما رأى أنه قد يمس بالأمن القومي للبلاد في ظل عدم وجود شروط محددة للأصول التي قد تطرح وفقاً للمشروع الجديد وخشية دخول رأس المال الأجنبي في المؤسسات والمرافق الاستراتيجية. وكان مقرراً أن تجتمع الحكومة ممثلة في وزارة المال للرد على استفسارات الأزهر من أجل تبديد هذه المخاوف، لكن إقالة وزير المال ممتاز السعيد أوقفت هذه الترتيبات. وبدا وزير المال الجديد المرسي حجازي متحمساً للمشروع، إذ كشفت الوزارة فور توليه مهامه أن هناك مستثمرين يعرضون ما بين 4 و6 بلايين دولار لتغطية أول اكتتاب مصري في هذه الصكوك الإسلامية الحكومية. وكان مقرراً أن تجتمع هيئة كبار العلماء في الأزهر الأسبوع الجاري لأخذ رأيها في هذا القانون، فوفقاَ للدستور الجديد يؤخذ رأي الهيئة في القوانين المتعلقة بالشريعة. لكن الاجتماع أرجئ إلى وقت لاحق، لم يحدد، علماً بأن غالبية أعضاء مجمع البحوث أعضاء في هيئة كبار العلماء، ومن ثم يتوقع أن ترفض الهيئة القانون إذا لم تطرأ عليه تعديلات. وعارضت غالبية الأحزاب مشروع القانون الجديد بسبب نصوصه الفضفاضة التي رأوا أنها قد تؤدي إلى «بيع ممتلكات الدولة». وعارضت غالبية الأحزاب مشروع القانون الجديد بسبب نصوصه الفضفاضة، ورأت «جبهة الإنقاذ» التي تضم قوى المعارضة الرئيسية أن القانون قد يؤدي إلى «بيع ممتلكات الدولة». وتضم الجبهة أحزاب «الدستور» و «المصريين الأحرار» و «المصري الاجتماعي الديموقراطي» و «مصر الحرية» و «المؤتمر» و «التجمع» و «الوفد»، وأيضاً «التيار الشعبي» الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي. وحتى حلفاء جماعة «الإخوان المسلمين» أبدوا اعتراضاً على هذا المشروع، إذ رفض حزب «النور» السلفي المشروع الذي قال إنه «لم يراع الأسس الشرعية في التملك كما أنه يحمل مخاطر عدة في ما يتعلق بإمكانية رهن بعض الأصول الحكومية». وأمام الانتقادات العارمة الموجهة للقانون تبرأ منه الإخوان أنفسهم، وقال حزبها «الحرية والعدالة» إن وزارة المال تقدمت بمشروع «مشوه» للبرلمان، وأن الحزب سيطرح خلال أيام مشروعه الخاص على البرلمان. وقال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد السيد النجار ل «الحياة» إن «مشروع القانون هدفه الأساسي تمويل المشاريع والخطط المستقبلية للشركات والدولة، لكن للأسف الحكومة مصرة على استخدام حصيلته في تمويل عجز الموازنة»، مشيراً إلى أن القانون يفتح الباب أمام عودة خصخصة شركات الدولة ومرافقها العامة بل والاستراتيجية أيضاً. واستغرب النجار أن يعطي القانون للمستثمرين الأجانب حق جمع الأموال من المصريين عبر الصكوك لتمويل استثماراتهم في مصر، ما يعني أن الاستثمارات الجديدة لن تتم عبر ضخ أموال جديدة، بل ستكون تدويراً لأموال المصريين في استثمارات أجنبية على أرض مصر. وتساءل: «لماذا اعتبار هذا المشروع إسلامياً؟ فقط لتمريره؟». لكن وكيل اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) عبدالحليم الجمال يؤكد أن القانون يمنع بيع الأصول الثابتة للدولة إلى الأجانب، وهو ما فهم على أنه يجوز بيع الأصول غير الثابتة، وهذا أيضا أمر منافٍ للواقع. وأشار الجمال إلى أن «عجز الموازنة بلغ 172 بليون جنيه في نهاية النصف الأول من عام 2012 ومن المتوقع أن يصل في نهاية عام 2013 إلى 213 بليوناً، ويجب وجود رؤية لتقليل هذا العجز». واعتبر أن إحدى الأدوات المطروحة لتخفيضه هو مشروع الصكوك.