رشح الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس، السناتور الجمهوري السابق تشاك هاغل لمنصب وزير الدفاع، ما شكل تحدياً مباشراً للوبي الإسرائيلي في واشنطن الذي أطلق حملة ضد هاغل بسبب مواقفه الوسطية من النزاع العربي - الإسرائيلي ودعوته إلى الانخراط المباشر مع طهران. كما اختار أوباما مستشاره لمكافحة الإرهاب جون برينان خلفاً لديفيد بترايوس في منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي). هاغل (66 سنة) من مخضرمي نخبة السياسة الخارجية الأميركية، كونه انضم بصفته سناتوراً عن ولاية نيبراسكا إلى لجان العلاقات الخارجية والاستخبارات والمصارف في مجلس الشيوخ بين عامي 1997 و2009. أما مواقفه الأبرز فتمثلت في معارضته الحرب على العراق وسياسات الرئيس السابق جورج بوش، ما أغضب الجمهوريين الذين أبعدوه عنهم في السنوات الأربع الأخيرة. واعتبِر هاغل أحد السياسيين الأميركيين القلائل الذين انتقدوا حرب إسرائيل على لبنان عام 2006، و «رد فعلها المبالغ فيه خلال 33 يوماً» كما روى في كتابه «أميركا: فصلنا المقبل» الذي رأى فيه أن «من مصلحة إسرائيل أن تضطلع واشنطن بدور وسيط نزيه في عملية السلام»، معتبراً أن «غياب الدور الفاعل للولايات المتحدة في حل الصراع العربي - الإسرائيلي أدى إلى تراجع هيبتها». وتحدث هاغل في كتابه عن زيارته الضفة الغربية ومشاهدته «جرافات الجيش الإسرائيلي تقطع أشجار زيتون في قرية من أجل تشييد جدار أمني»، ما يفسر تعرضه لهجوم من اللوبي الإسرائيلي ممثلاً بمجموعة العلاقات الإسرائيلية - الأميركية (أيباك)، ولجنة الطوارئ لإسرائيل المدعومة من المحافظين الجدد. وشن اللوبي حملة إعلامية ضد هاغل وموقفه من إيران، بعد تصريحه بأن «الخيار العسكري ضد إيران غير مسؤول». ويؤيد هاغل الانخراط المباشر مع إيران، ولكن مع ربطه بشروط أساسية لتغيير الموقف الأميركي والدولي من ملفها النووي المثير للجدل. ويعتبر في كتابه إن «رفع العقوبات والاعتراف الديبلوماسي سيكونان على الطاولة إذا تخلت إيران عن برنامج التسلح النووي، وأنهت دعمها لجماعات إرهابية واعترفت بإسرائيل، وانخرطت في سياسات بناءة أكثر في العراق». ويدعو هاغل إلى إشراك دول الشرق الأوسط في أي حوار حول إيران، والوصول إلى «هيكلية أمنية استراتيجية» تحمي حلفاء الولاياتالمتحدة في المنطقة وتضمن استقرارها. وينتمي هاغل إلى المدرسة البراغماتية في السياسة الخارجية والدفاعية، وساند ترشيحه سياسيون من المدرسة ذاتها، بينهم المستشاران السابقان للأمن القومي زبيغنيو بريجنسكي وبرنت سكوكروفت، والسفير السابق لدى العراق وأفغانستان ريان كروكر، والمسؤول السابق نيكولاس بيرنز. لكن استمرار حملة اليمين و «أيباك» ضد هاغل قد يعقّد فرص مصادقة مجلس الشيوخ على تعيينه، علماً أن نواباً جمهوريين بارزين مثل ليندسي غراهام قرروا عدم التصويت له. وفي حال المصادقة على تعيينه، سيكون الانسحاب من أفغانستان وخفض موازنة الدفاع من أولويات الوزير الجديد. لكن صداقته القديمة مع أوباما والتي تعود إلى أيام وجودهما في مجلس الشيوخ، وتأثر الرئيس به وبمواقفه المعارضة للحرب على العراق، سيضعانه في موقع غير تقليدي بالنسبة إلى وزراء الدفاع الأميركيين. وقد يضطلع بدور في ملف إيران، أو في تحديد شكل العلاقة مع إسرائيل. وينوي هاغل لقاء مجموعات يهودية – أميركية، وأخرى من اللوبي الإسرائيلي لتوضيح مواقفه وطمأنتهم إلى العلاقة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل. أما برينان فيملك رصيداً طويلاً في محاربة تنظيم «القاعدة» والإشراف من موقعه في البيت الأبيض على جهود مكافحة الإرهاب. وهو يعتبر من الوجوه القريبة جداً من أوباما والتي تحظى بعلاقات جيدة في المنطقة، خصوصاً مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. وأكد البيت الأبيض أن «برينان يحظى بالثقة الكاملة للرئيس الذي التقاه يومياًَ على مدى السنوات الأربع الماضية، ووقف إلى جانبه في أصعب القرارات»، خصوصاً عملية قتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في باكستان عام 2011، وشن غارات جوية على قادة في التنظيم.