لم يمر على الكرة السعودية أسبوع متشنج بلغ فيه السيل الزبى وطفح الكيل بكل مفردات التعصب والشتيمة والانتقاص مثل هذا الأسبوع، وكان ختامها قذف واتهام بالشرك والماسونية ولمن؟.. للنساء المتابعات للرياضة. ولو بحثنا عن مثيري الفتن ومؤججي الفوضى الكلامية التي انطلقت من عقالها بلا وازع من دين أو ضمير لوجدناهم ينتمون لمعسكر واحد استباحوا حمى الفضاء، واستغلوا غياب الرقيب الإعلامي للمواقع الالكترونية ليبثوا شعورهم بالنقص حروفاً مسمومة، خرجت بالرياضة من مكانها التنافسي الشريف، الذي لا يتعدى حدود الملعب، إلى حضيض ومستنقع قذر بات الممنوع سابقاً في عرف المجتمع مباحاً وعادياً. أصبحوا يتدخلون في ما لا يعنيهم ويستسهلون اللفظ البذيء والنقد الجارح، ولا يتورعون عن الدخول في الذمم، والطعن في الأخلاق، ويعتبرون ذلك حرية في النقد، وجرأة في الطرح. موسم ساخن ليس لأحداثه الإيجابية على الكرة السعودية بل لسوء ما قرأت الجماهير الرياضية فيه من عناوين ومقالات خادشة للحياء، أصبحت موضة تتبارى فيها الصحف، وتتنافس وبئس التنافس، وبعد أن أمِن أصحابها العقاب، رأوا أن يجاوزوا بها الجسر، وحدود الوطن بتعصب مقيت، وفي مناسبة تاريخية لتلوث فضاء الخليج بأسره بعصبية نتنة أساءت لنا كشعب، قبل أن تسيء للمقصودين بها. أما الحوارات التلفزيونية فحدث ولا حرج، وهو ما جعل الجميع يردد بأسى: أين أنت يا حمرة الخجل؟ وهل بقي شيء لم يقل؟ سابقاً لم يكن مستغرباً، وإن كان مستهجناً تشجيع الأندية الخارجية التي تواجه أندية الوطن في المسابقات الخارجية، فقد كان البعض يجاهر بذلك، وبلا خجل، ولكن التعصب الذي تمت تغذيته، وحقنه في وعي الجماهير وصل إلى رأس الهرم الرياضي «المنتخب» فأصبح جديداً أن يقال: منتخبهم وأن يعزز من استبعد من اللاعبين بأنه أكبر من هذا المنتخب ويصمت الكل عن الصورة التي تدينهم وبلا أي تعليق أو حتى مجرد استنكار؟ منتخبنا الذي ليس منتخبهم هزم في أولى مباريات كأس الخليج، وكانت التباشير بالفرح فضيحة سعودية رأها وسمع بها أهل الخليج قاطبة، فلا يوجد منتخب تشفى به جمهوره سوى منتخبنا. كانوا يتمنون سقوطه، ليسخروا من نجومه، ويثبتوا بعد نظرهم في اختيار لاعب، واستبعاد آخر، وخلفهم حفنة من مشجعين سلّموا عقولهم، وصاروا كالببغاوات يرددون ما يقال من دون أي اعتبار لكرامة الوطن ولحمة أبنائه، بعيداً عن جلد منفوج يدعى كرة، ومبدأ سام هو رياضة يحدث فيها فوز وخسارة. على شفا الانهيار قيم وطنية قادها للأسف إعلاميون ولاعبون سابقون في ظل صمت مطبق من المسؤولين، وعليه سيأتي اليوم الذي يرفض فيه اللاعبون الانضمام للمنتخب، ما دام أنهم تحت مقصلة النقد الشخصي الحاد، وسيجد المنتخب ذاته يوماً ما، بلا جمهور، إلا إذا انضم لاعبو ناديهم، وهذه كارثة تضاف لكوارث الكرة السعودية التي تعاني أسوأ أيامها فهل يتنبه المسؤولون لذلك؟ [email protected]