في تصريحات هي الأولى من نوعها منذ تبوّئه سدة الرئاسة، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الأحد في مقابلة مع وكالة "أسوشييتد برس" إن أنصار جماعة "الإخوان المسلمين" يمكنهم العودة إلى العملية السياسية إذا نبذوا العنف. وفي مقابلة هي الأولى له مع وسيلة إعلامية أجنبية منذ تسلّمه السلطة في حزيران (يونيو)، قال السيسي لتبرير حملة القمع التي تنفذها السلطات المصرية ضد التنظيم الذي تصنّفه مصر "إرهابياً"، إن "الإخوان اختاروا المواجهة"، لكنّه أضاف أن أنصار الجماعة يمكن أن يشاركوا في العملية السياسية في المستقبل، إذا ما نبذوا العنف. وأكد أن "مصر متسامحة جداً مع من لا يلجأ إلى العنف. وفرصة المشاركة متاحة" أمام أنصار "الإخوان". ورأى أن عدد الاعتقالات التي نفذت بحق أنصار الجماعة ليس مرتفعاً، قائلاً إن "الأجهزة الأمنية أظهرت صبراً كبيراً". وأضاف أن قانون التظاهر المصري يشبه قوانين التظاهر في أوروبا لجهة ضرورة حصول منظّمي التظاهرات على إذن من الشرطة. وشدد السيسي على أن جميع تحركاته كانت لمكافحة التشدد وإنقاذ البلد من الحرب الأهلية، معتبراً أن مصر هي نموذج لمكافحة الإرهاب يجب أن يَحتذي به التحالف الذي تقوده أميركا لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق وسورية". وأضاف أنه "قبل عام، حذرت من أن المنطقة متجهة إلى خطر عظيم يشكله الفكر المتطرف. ولم يولوا تحذيري الاهتمام المناسب إلى حين وقعت أحداث العراق وتجاوزت الدولة الإسلامية الحدود العراقية -السورية". وقال السيسي إن المصريين شكلّوا نموذجاً يحتذى به للمنطقة، قائلاً إنهم دعموا الإخوان وانتخبوهم ولكنهم انقلبوا عليهم حين تسلّم محمد مرسي السلطة، موضحاً أن المصريين أدركوا أن فكرة الإسلام السياسي التي يسوّق لها الإخوان "لن تنجح في مصر". واعتبر الرئيس المصري أنه لو لم يتدخّل للإطاحة بسلفه محمد مرسي و"الإخوان" لكانت مصر أصبحت "مثل جميع الدول التي تعاني من انتشار العنف والنزاعات اللامتناهية والحروب الأهلية"، في إشارة إلى الأحداث في كلّ من سورية وليبيا والعراق. وتابع الرئيس المصري "لا أقول أبداً إن ما يجري في مصر مثالي. وبالطبع أريد أن يكون هناك مستوى مرتفع من الحرية، ولكن نريد أن نفعل ذلك من دون أن نؤذي بلدنا. بلدنا في ظروف صعبة جداً. أنتم ترون ما يجري في المنطقة". وقال إنه لا يستطيع التدخل في عمل القضاء في ما يتعلّق بالصحافيين الثلاثة في قناة "الجزيرة" الذين حُكم عليهم بالسجن لمدة 7 سنوات لاتهامات مرتبطة بالإرهاب. وأضاف "لو كنت في موقع المسؤولية في ذلك الوقت، لما كنت سمحت للمسألة بأن تبلغ هذا الحد، بل كنت رحّلتهم" - علماً أن اثنين منهم مصريان والثالث أسترالي -، ولكن، تابع السيسي ان وجود قضاء مستقل في مصر يعني أنه "لا يمكن أن نقبل النقد أو التعليق" على الأحكام التي تصدر عنه. وأكد استعداده لمساعدة التحالف ضد "الدولة الإسلامية"، ورداً على سؤال عما إذا كانت مصر ستفتح مجالها الجوي وتقدم دعماً لوجستياً للضربات الجوية، قال السيسي: "نحن ملتزمون بالكامل بتقديم الدعم. وسنفعل كل ما يتطلبه الأمر". وألمح إلى أنه يستبعد إرسال قوات إلى العراق، قائلاً إن الجيش العراقي قوي بما يكفي لمحاربة المقاتلين المتشددين، و"المسألة لا تتعلق بإرسال قوات برية من الخارج". ورأى أن الأهم الآن هو معالجة مشكلة التطرف في المنطقة وليس فقط "الدولة الإسلامية". وحذر من أن الخطر الأكبر يأتي من المقاتلين الأجانب الذين يتدفقون إلى المنطقة للمشاركة في النزاعات، معتبراً أنهم سيعودون في النهاية إلى بلدانهم، وخصوصاً أوروبا وينشرون التطرف هناك. وشدّد على ضرورة منعهم من دخول المنطقة. ورأى أن أي استراتيجية لمواجهة التطرف يجب أن تتعامل مع أسبابه من خلال محاربة الفقر وتحسين التعليم ومراقبة الخطاب الديني، معتبراً أنه "حين نسعى لمعالجة أسباب التطرّف، نحصل على نتيجة حاسمة".