انحصرت مواضيع الشعر الشعبي خلال الأعوام القليلة الماضية لدى الغالبية العظمى من الشعراء في كتابة قصيدة المديح، إذ غابت العاطفة والحب والرومانسية عن كلمات أصحاب الحرف، وذلك للمبالغ الطائلة التي يتلقاها الشعراء جراء قصائد المديح. ويظهر بين الفينة والأخرى شعراء يمدحون رجال أعمال أو أمراء أو شيوخ بغية الحصول على المال، كون الأغراض الأخرى من الشعر لا تسمن ولا تغني من جوع، خصوصاً أن عدد من الشعراء لا دخل شهري لديه، الأمر الذي أجبره على التكسب من قصيدة يمدح فيها آخر. وأرجع الشاعر السعودي عبدالمحسن المسعودي اتجاه عدد من الشعراء الشعبيين إلى كتابة قصائد المديح بكثرة خلال الفترة الحالية إلى حاجتهم للمال، إذ إن هناك شعراء وجدوها مهنة مريحة. وحقق شعراء شعبيين شهرة وثراء في وقت قصير بعد سيرهم في كتابة المديح متفوقين على زملائهم الذين لم يطرقوا هذا الغرض من الشعر، لأن الممدوحين يتمتعون بجماهيرية كبيرة أسهمت في انتشار المداحين. ويصف الشاعر الحميدي الثقفي سلوك الغالبية العظمى من الشعراء منهج المديح ب«النفاق»، والكذب، وأنه ليس شعراً. وتزداد وتيرة قصائد المديح خلال مواسم مزايين الإبل ومواسم الصيف التي تكثر فيها الحفلات الخاصة، لكن الإعلامي حامد البراق يرى أن الشاعر الحقيقي الذي يثبت نفسه في جميع أغراض الشعر، حتى لو كتب مديحاً، مضيفاً: «انتشار قصيدة المديح أمراً طبيعياً، لأن المدح من أغراض الشعر منذ القدم، فلا ضير إذا انتهجه شعراء شعبيين في الوقت الحالي». وذكر أن هناك شعراء ليس لهم دخل شهري ثابت، فالحاجة تجبرهم على التكسب من أشعارهم، «هو حق مشروع لهم، خصوصاً إذا كان الممدوح يستحق تلك القصيدة أو البيت الذي كتب فيه». وظهور قصائد المديح في الساحة الشعبية بغزارة أفقد المتلقي جمال الكلمة، التي عرفت في الثمانينات والتسعينات الميلادية، إذ إن القصيدة الغزلية والاجتماعية غابت ملامحها عن المشهد الشعري.