يبدو أن قرار الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بملاحقة ممتدحي المسؤولين والمبالغين في الثناء على إنجازاتهم وأعمالهم الوظيفية سيطاول الساحة الشعبية خلال الفترة المقبلة، خصوصاً بعدما انتشرت قصائد المديح بشكل لافت، بينما يرى شعراء أنه لن يقلل من وجود «المداحين» في الساحة الشعبية. وكانت «مكافحة الفساد» أكدت أخيراً أن مدح المسؤول بغير ما فيه أو المبالغة في الثناء على إنجازاته يعد نوعاً من أنواع الفساد، لما يترتب عليه من غرور المسؤول، وصرفه عن رؤية الأمور على حقيقتها، ما ينتج منه فساد كبير في أداء المهمات. وقال الشاعر سعد الخريجي ل «الحياة»: «لدينا مسؤولون يستحقون المدح والثناء لما يقدمونه من أعمال تخدم المجتمع، لكن من الخطأ المبالغة في مدح آخرين لا يستحقون ذلك»، لافتاً إلى أن عدداً من الشعراء يبالغ في المدح لغرض في نفسه. وأضاف: «إذا كان ما يذكره الشاعر في مدح المسؤول صحيحاً فلا مانع من مدحه، إذ إنني ضد ملاحقة الشعراء الذين يمدحون بأسلوب شعري صادق وبصفات موجودة في الشخص الممدوح أياً كان». وأكد شاعر آخر (فضل عدم ذكر اسمه) أن هناك عدداً من الشعراء اتجه إلى مدح المسؤولين لإنهاء بعض المصالح الشخصية من دون أن يعرف شيئاً عن الممدوح، «ربما هذا ما تقصده مكافحة الفساد في قرارها الأخير». وذكر رئيس تحرير مجلة «العراب» الحميدي المريبيط أن الشعراء ليسوا المقصودين بقرار هيئة مكافحة الفساد، كون مدح المسؤول من خلال الشعر لم يكن وليد اللحظة، إذ شهدت العصور الأولى من الإسلام مدح الخلفاء، مشيراً إلى أن قرار الهيئة لن يقلل من وجود شعراء المديح في الساحة الشعبية. وأضاف: «من الأولى أن تناقش هيئة مكافحة الفساد المشاريع الحكومية المتأخرة، وليس ملاحقة ممتدحي المسؤولين، وهي لم تحدد نوع المدح في قرارها»، لافتاً إلى أن الهيئة لا تنظر إلى قصائد المديح، ولن تدرجها ضمن الفساد على - حد قوله. ويرى إعلاميون أن قرار «مكافحة الفساد» قد يطاول قصائد المديح التي يتقاضى عليها الشعراء مبالغ مالية مجزية، خصوصاً بعد انتشار ما يسمى ب «الشرهات» بشكل كبير في الساحة الشعبية خلال الأعوام القليلة الماضية. وأكدوا أن قصائد المديح أصبحت وسيلة تكسّب لعدد من الشعراء، إذ إنهم يفتخرون بتقاضيهم مبالغ مالية في مقابل قصيدة مدح في مسؤول أو رجل أعمال، لافتين إلى أن «شعراء المديح» أساؤوا إلى الشعر، كونهم برزوا بشكل لافت في الساحة الشعبية.