أقر مجلس النواب الأميركي، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، أول من أمس مشروع القانون الضريبي الذي أنقذ الولاياتالمتحدة من الهاوية المالية، ولكنه قوبل بمعارضة شديدة بلغت حد التمرد الجماعي قبل أن يحظى بعدد كاف من أصوات الجمهوريين، على رأسهم رئيس المجلس جون بونر والغالبية العظمى من الديموقراطيين. واعتبر الرئيس باراك أوباما الاتفاق انجازاً يستجيب الحاجات العاجلة للمرحلة الراهنة، مشيراً في بيان إلى أن «القانون الضريبي يعزز انتعاش اقتصادنا هذه السنة بتخفيف العبء الضريبي الملقى على كاهل الطبقة الوسطى»، لافتاً إلى تحذيرات أطلقها مكتب الموازنة التابع للكونغرس من أن «الهاوية المالية» قد تدفع بالاقتصاد إلى الركود وربما الانكماش نتيجة زيادة الضرائب وخفض الإنفاق. وبرّر الجمهوريون معارضتهم لمشروع القانون بأن الاتفاق الذي توصل إليه نائب الرئيس جو بايدن ممثلاً البيت الأبيض والحزب الديموقراطي، وزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، انحصر في الشق الضريبي من ثنائية «الهاوية المالية» التقشفية، في حين اكتفى بتأجيل البت في الشق المتعلق بخفض الإنفاق الحكومي. لكن هؤلاء المعارضين الذين يقودهم أعضاء «حزب الشاي» المحافظين كانوا أحبطوا قبل أيام مبادرة اشتراعية طرحها بونر بسبب موقفهم المتشدد من زيادة الضرائب. الاعفاءات ونص القانون الضريبي على تثبيت الإعفاءات الضريبية التي سبق أن أقرها الكونغرس عامي 2001 و2003 وكذلك عام 2009، وتشمل نحو 98 في المئة من دافعي الضرائب، كما استثنى شريحة الأثرياء، وتحديداً الأشخاص الذين يزيد دخلهم السنوي على 400 ألف دولار، إذ إن العبء الضريبي لهؤلاء ارتفع من 35 إلى 39.6 في المئة منذ بداية السنة مستعيداً مستواه قبل سلسلة الخفوضات. وأبرز البيت الأبيض، إضافة الى تثبيت ضرائب 114 مليون أسرة وتأجيل البت في خفض الإنفاق الحكومي الإجباري المتفق عليه في آب (أغسطس) 2011 ويزيد على 100 بليون دولار لمدة شهرين، سلسلة من الإجراءات الموقتة التي تضمنها القانون الضريبي واعتبر أنها تساهم في تنشيط النمو وخلق فرص عمل عبر تعزيز الإنفاق الاستهلاكي وتشجيع الشركات على الاستثمار، وشملت تمديد العمل ببرامج ضمان البطالة وحوافز مشاريع الطاقة المتجددة. وفي وقت لفت البيت الأبيض إلى أن الأعباء الضريبية الإضافية التي سيصار إلى تحصيلها من الأثرياء، إضافة إلى زيادات فورية في ضرائب الأرباح الرأسمالية والأسهم والمواريث، ستصل إلى 620 بليون دولار خلال 10 سنين، قدر مكتب الموازنة قيمة فاتورة تطبيق القانون الضريبي الجديد بنحو أربعة تريليونات دولار خلال الفترة ذاتها. وحذر في دراسة أولية من أن هذه الكلفة الباهظة قد تتحول إلى عجوزات مالية تراكمية تفاقم خطورة ديون البلاد في حال لم يعوض عنها بخفوضات مماثلة في الإنفاق الحكومي. لكن مسألة تعويض كلفة القانون الضريبي لن تكون التحدي الوحيد أمام الكونغرس في دورة عقده المقبلة التي تبدأ اليوم، إذ أعلن وزير الخزانة تيموتي غايتنر أن الوزارة استنفدت صلاحية الاقتراض لتمويل الإنفاق الحكومي. وأكد أن نجاح الحكومة في الوفاء بمتطلبات خدمة ديونها يتطلب اتخاذ الكونغرس إجراءات عاجلة لرفع سقف الدين، معيداً بذلك إلى الأذهان أزمة آب (أغسطس) 2011 التي حرمت الحكومة الفيديرالية التصنيف الممتاز لديون سيادية تخطت حاجز 16.4 تريليون دولار.