قصفت طائرات حربية سورية مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في الوقت الذي خاضت فيه قوات الرئيس بشار الأسد ومقاتلو المعارضة اشتباكات على مشارف العاصمة دمشق أول أيام السنة الجديدة. وقبل عام توقع كثير من الديبلوماسيين والمحللين أن يترك الأسد السلطة في 2012. لكنه أثبت مقدرته على الصمود رغم الضغوط الدولية والمكاسب التي حققها مقاتلو المعارضة. وظلت الدائرة المحيطة به من دون مساس إلى حد كبير فضلا عن احتفاظه بالسيطرة على القوات المسلحة حتى وان كان يعتمد على الضربات الجوية والمدفعية لصد مقاتلي المعارضة الذين يقاتلون للاطاحة به. وقال نشطاء في المعارضة ان القصف الجوي استهدف الضواحي الشرقيةلدمشق وكذلك مناطق تسيطر عليها المعارضة في حلب ثاني اكبر المدن والعاصمة التجارية لسوريا اضافة إلى بعض البلدات والقرى في المناطق الريفية. وأظهرت لقطات مصورة بثتها المعارضة على الانترنت أعمدة من الدخان تتصاعد في منطقة عربين شرق دمشق. واستهل سكان دمشق العام الجديد على دوي قصف مدفعي للضواحي الجنوبيةوالشرقية التي تشكل قوسا تسيطر عليه المعارضة على مشارف العاصمة التي ما زالت القوات الحكومية تحكم السيطرة على وسطها. وفي وسط المدينة أطلق جنود يحرسون نقاط تفتيش أعيرة نارية في الهواء عند منتصف الليل ما سبب قلقا في المدينة التي أصبحت شوارعها مهجورة في صورة كبيرة. وقال معاذ الشامي وهو نشط بالمعارضة يعيش في حي المزة وسط العاصمة عبر برنامج سكايب على الانترنت "كيف يمكنهم الاحتفال؟... إنها ليست سنة جديدة سعيدة". وأضاف أن مقاتلي المعارضة هاجموا نقطة تفتيش في حي برزة في وقت مبكر امس الثلاثاء. وقالت جماعات معارضة إن قذائف مورتر اصابت حي داريا جنوب غربي دمشق حيث شن الجيش هجوما اول من الاثنين لاستعادته. وتشير تقديرات الى أن حوالى 45 ألف شخص قتلوا في الانتفاضة التي بدأت في اذار/ مارس 2011 باحتجاجات سلمية مطالبة بإصلاحات ديموقراطية لكنها تحولت إلى انتفاضة مسلحة بعد شهور من هجمات قوات الأمن على المحتجين. وقال أحد سكان مدينة حمص في وسط البلاد إن القذائف سقطت على الحي القديم في وقت مبكر امس. وتقع حمص على الطريق السريع الاستراتيجي الذي يربط بين الشمال والجنوب وسويت أجزاء من المدينة العريقة بالأرض اثناء الاشتباكات المستمرة منذ شهور. وطردت القوات الحكومية مقاتلي المعارضة من المدينة أوائل العام الماضي لكن المقاتلين يعودون اليها ببطء. وقال الساكن الذي طلب عدم نشر اسمه "الحي القديم محاصر. يوجد قصف من كل الجوانب". وأظهر مقطع مصور بث في موقع يوتيوب جثث ثلاثة صبية قال ناشطون انهم اعتقلوا عند نقطة تفتيش حكومية اثناء عودتهم إلى منازلهم من مدرسة في ضاحية جوبر بدمشق الأحد الماضي. وظهر في التسجيل المصور أحد الصبية وقد قيدت يداه خلف ظهره. وظهر اخر مصابا بجرح غائر في الحلق. ولا تستطيع "رويترز" التحقق في شكل مستقل من التقارير والمقاطع المصورة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان المرتبط بالمعارضة والذي يتخذ من بريطانيا مقرا له إن 160 شخصا قتلوا في آخر أيام عام 2012 منهم 37 على الأقل من القوات الحكومية. وأصبحت الحرب الاهلية الدائرة في سوريا الصراع الاطول والاكثر دموية بين الصراعات التي انبثقت عن انتفاضات الربيع العربي على مدى العامين الماضيين. وفي الآونة الأخيرة أصبحت قوات الأسد تعتمد أكثر على القصف بالطائرات والمدفعية بدلا من المشاة. وتستهدف المناطق السكنية التي يتمركز بها مقاتلو المعارضة ما يؤدي الي مقتل الكثير من المدنيين. وسيطر مقاتلو المعارضة على أجزاء من شمال البلاد وشرقها لكنهم يجدون صعوبة في الاحتفاظ بالمدن ويشكون من قلة حيلتهم في مواجهة القوات الجوية الحكومية. وتعثرت الجهود الديبلوماسية لإنهاء الحرب ويرفض مقاتلو المعارضة التفاوض ما لم يترك الأسد السلطة في حين يتعهد الرئيس بمواصلة القتال حتى الموت. وفي الأيام الأخيرة في 2012 دعا الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي الدول إلى دفع الجانبين لإجراء محادثات قائلا إن الخيار المتاح أمام السوريين هو "إما الحل السياسي وإما الجحيم". وقالت إحدى المقيمات في دمشق، وطلبت عدم نشر اسمها لأسباب أمنية، إن الحشود المعتادة التي تظهر للاحتفال بليلة رأس السنة كانت غائبة عن العاصمة التي أصبحت معزولة بشكل متزايد.