أبدأ اليوم من مستطيل كتابي جديد يطل في ركن أيسر علوي أنيق، بعد أن أدمنتُ لذة المشاغبة والحضور في ركن أيمن منزوٍ لطيف، سنوات أربع، التغيير - فاتحة قلب - يجعلك تعيد ترتيب ذاتك وتراجع الأوراق القديمة، ومن ثم تُقَلّب كمية مضاعفة من الأوراق في الأيام المقبلة، ستقص برفقته شريطاً مبهجاً لمشروع قراءات متنوع، وقد يكسر ما يعتري الإنسان من ملل أو إحساس بالتملك، لكن المهم أن خوض تجربة كتابية مختلفة الكم والنوع بمستطيل عرضي لا طولي ستفتح من الآفاق ما لا يمكن فتحه إن ظلت التجربة بذات الأرفف والأركان والزوايا. أبدأ مشواراً مغايراً، إنما على صدر صحيفتي، وعلى بُعد بضع صفحات بالقرب من مسكني الكتابي الأيمن، سأغيب عمّن كان يسير بيده من اليسار لليمين قاطعاً «ثُلث» أوراق الصحيفة ليصل للرأي، وحروفي الممهورة بالأصابع النحيلة، أغيب عن منتخب الرأي وجيران السنوات الماضية، لكني أذهب قريباً منهم، متابعاً لخطواتهم ونبض حروفهم، يدفعني إليهم حنين بنته السنون والأيام، الذي تتطلب مني المهمة المقبلة أن أقاتل ليموت، وأستبدله بحنين مغاير لزاوية متجددة. أذهَبُ إلى مهمة الكتابة شبه اليومية تلك التي تترك الكاتب في حال تأهب واستعداد، وإعلان خطة الطوارئ، إن كان يعزم على حضور كتابي مختلف، وينوي خوض منافسة أنيقة بمحتوى لافت لما بين جوانب مستطيل الكتابة. كنت أفتش مرة أو مرتين في الأسبوع عن نصف فكرة وربع كلمة، وأتأهب للزاوية عن بُعد. صَنَع الرأي خطواتي الأولى ودفع بي في لحظة إجابة عاجلة سريعة، لتقبل المهمة. خطواتي لَبِست ثوب الرأي في بوح خالص، وارتدت عباءة البوح الصادق على شكل رأي. الآن يتصاعد العصف الذهني، وقوة الملاحظة والخوض في التفصيل ويصبح تمرير اللحظات بطيئاً أكثر من ذي قبل، رغبةً في حصد الأدق من الأفكار، سيقطع المحب والقارئ، بدءاً من اليوم عُشْر المسافة التي كان يقطعها من أجلي في الأعوام الأربعة الماضية، ومتى ما أصبح الطريق قصيرةً، فعلى صاحب الدار أن يتأهب لتضاعف أعداد الضيوف، وتحمل المسؤولية. الانتقال من مستطيل ألفته وركن تعايشت معه، إلى ركن آخر، يتطلب مراناً أكبر وحماسة أكثر، ولم أكن مستعداً في الحضور الأول هنا إلا أن أرفع شارة البدء، وأستدعي ضيوف المستطيل القديم، وأحباب شخصي المتحمس الخجول، ثم آخذ نفَساً عميقاً جداً، تأهباً ل «التقاسيم» المقبلة. [email protected] @alialqassmi