على رغم اختلاف الأسواق وأذواق زبائنها، لا يزال الطلب على السيارات في العالم في ازدياد، كما يرجّح أن ترتفع المبيعات بنسبة 6 في المئة عام 2013 على غرار سابقه، بعدما قدّرت ب4 في المئة عام 2011. وعلى رغم عدم ظهور إحصاءات دقيقة حتى كتابة هذه السطور عن معدلات الإنتاج والمبيعات الإجمالية لبعض الصانعين في 2012، إلا أن التقديرات الأولية تشير إلى أن تويوتا اليابانية حافظت على صدارتها لقائمة أكبر صانعي السيارات في العالم لجهة حجم الإنتاج والمبيعات، إذ باعت نحو 9,7 مليون وحدة عالمياً محققة قفزة مقدارها 22 في المئة، تليها مباشرة جنرال موتورز التي باعت 9.2 مليون وحدة. وكان المركز الثالث من نصيب مجموعة فولكسفاغن الألمانية بما مجموعه 9.1 مليون وحدة أي بزيادة تفوق 10 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من 2011. غير أن تويوتا سجلت انخفاضاً ملحوظاً في السوق الصينية بسبب النزاع على جزر بين طوكيو وبكين، لكن هذا التطور السياسي لن يغيّر عموماً في ترتيب صدارة المبيعات لأكبر صانعي السيارات في العالم. بمعزل عن هرمية تسلسل صانعي السيارات الكبار في العالم، يتوقع خبراء ومراقبون أن تواصل السوق الأميركية نموها المتصاعد أخيراً، إذ ارتفع باضطراد مؤشر مبيعات السيارات بعدما كان يعاني تدهوراً كبيراً في المرحلة التي تلت الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، في محاولة للعودة مجدداً إلى معدّل المبيعات الاستثنائي الذي كان يُقدّر ب16 مليون وحدة سنوياً بعد اختزال الرقم المبيعي بمقدار 3 مليون وحدة تقريباً، وذلك بسبب تدهور مبيعات «الثلاثة الكبار»: كرايسلر وفورد وجنرال موتورز، في أعقاب الأزمة الكبرى. وعلى العكس، تشهد السوق الأوروبية تراجعاً كبيراً في معدلات البيع على رغم تراجع الطلب على السيارات في صورة متفاوتة على مدار الأعوام الخمسة الماضية وحتى عام 2012. ففي وقت من الأوقات وصلت المبيعات السنوية إلى 17 مليون سيارة في أوروبا، لكن العدد تقلّص بشدة حالياً وبلغ نحو 13 مليون وحدة تقريباً، ما يعني أن هناك مزيداً من السيارات التي لا تجد من يشتريها، تماماً مثلما كانت الحال في الولاياتالمتحدة قبل سنوات قليلة مع صانعي ديترويت الثلاثة الكبار. ويتوقع مراقبون أن تستمر «الأزمة الأوروبية» عام 2013 كذلك، مع تخبّط الصانعين في القارة العجوز وعدم تيقنهم من مواصلة سياسة إغلاق المصانع وتسريح العمال وسط رفض سياسي واجتماعي كبير لهذه «الحلول الموقتة»، التي قد تُشعل الأزمة أكثر عوضاً عن حلها. ازدهار أميركي على رغم «ساندي» ويبدو الإعصار «ساندي» لم يؤثر عموماً في مبيعات السيارات في أميركا على عكس أضراره التي طاولت 24 ولاية من فلوريدا إلى نيو إنغلاند، فضلاً عن فيضانات كبيرة غمرت مدينة نيويورك في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ما كلّف الحكومة نحو 20 بليون دولار وفق مصادر عدة. فقد ارتفعت مبيعات سيارات الركوب والشاحنات بنسبة 7 في المئة لتصل إلى 1,1 مليون وحدة في هذا الشهر مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2011. ومع توقّع خبراء ومراقبين مواصلة المبيعات ارتفاعها حتى نهاية 2012، ستبلغ المبيعات السنوية 14,3 مليون وحدة مقارنة ب12,8مليون وحدة العام الماضي، وفقاً لمؤسسة «أوتو داتا كورب». ويعود الارتفاع في المبيعات إلى الطلب المتزايد على السيارات محلياً وخفض معدلات البطالة إذ تزايد الشعور لدى الأميركيين بتحسّن اقتصادهم وتوفير مزيد من الوظائف عموماً، وذلك بالتزامن مع اعتماد معدلات فائدة منخفضة واستبدال عدد كبير من السيارات القديمة «تهالك» قسم منها بفعل إعصار ساندي. إلى ذلك، نجد أن جنرال موتورز رفعت سقف توقعاتها لمبيعات السوق الأميركية للصانعين كافة لتصل إلى نحو 14,5 مليون وحدة، وهو معدل أفضل بكثير من مبيعات عام 2009 لهذه السوق التي بلغت 10,4 مليون وحدة، لكنها لا تزال بعيدة من المبيعات القياسية لعام 2005 التي وصلت إلى نحو 17 مليون وحدة. وبعد ارتفاع مبيعات الماركات الأربع المنضوية تحت لواء مجموعة جنرال موتورز: شفروليه، بويك، جي إم سي وكاديلاك، في النصف الأول من عام 2012 بنسبة طفيفة قُدرت ب2,9 في المئة لتصل إلى 4,67 مليون وحدة، فإن مبيعات الصانع الأميركي في تشرين الأول الماضي ارتفعت 5 في المئة، مقارنة بالشهر ذاته من 2011. وعموماً، ارتفعت مبيعاته 2,5 في المئة خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2012، لتصل إلى 6,95 مليون وحدة، وبفارق 450 ألف وحدة لمصلحة تويوتا التي تصدرت القائمة العالمية لجهة حجم الإنتاج والمبيعات. من جهة أخرى، وإثر بيع 1,2 مليون وحدة في النصف الأول من 2012، أي بزيادة مقدارها 24 في المئة عن الفترة ذاتها من عام 2011 ( مليون وحدة)، ارتفعت مبيعات مجموعة كرايسلر في الفصل الثالث من 2012 بنسبة 12 في المئة، لتصل إلى 556 ألف وحدة. وفي الشهور التسعة الأولى من 2012، باعت كرايسلر 1,7 مليون وحدة، مقارنة ب1,4 مليون وحدة في الفترة ذاتها من 2011. في المقابل، باعت مجموعة فورد 1,63 مليون وحدة خلال الفصول الثلاثة الأولى من 2012، بزيادة مقدارها 5,7 في المئة. وكانت مبيعات المجموعة ارتفعت في أيلول الماضي بنسبة ضئيلة، وإن عانت بعض الماركات المنضوية تحت لوائها، شأن علامة لينكولن، انخفاضاً في المبيعات وصل إلى 3,1 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من 2011. يذكر أن فورد اضطرت إلى إعادة تقويم توقعاتها لأرباحها التشغيلية عن 2012 بسبب ارتفاع خسائر فرعها الأوروبي بفعل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تتعرض لها القارة العجوز حالياً، حيث أثرت في شكل مباشر في الطلب على سيارات جديدة. كما تتوقع فورد خسارة بليون دولار في هذه السوق فقط. أوروبا... على المحك! لم تشهد أوروبا أزمة اقتصادية كبيرة في غضون الأعوام ال19 الماضية، تحديداً منذ أزمة العملة عام 1993، مثل أزمة الديون الأوروبية التي تعرضت لها في 2012. وفي أيلول الماضي، تراجع حجم السيارات التي تسلمها الزبائن في المنطقة الأوروبية بنسبة 11 في المئة لتصل إلى 1,13 مليون وحدة، مقارنة ب1,27 مليون وحدة عن الفترة ذاتها من 2011. ووفقاً لاتحاد مصنعي السيارات الأوروبية EAMA، تراجع حجم المبيعات 7,2 في المئة خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2012. ويشير خبراء إلى أن تراجع الطلب على السيارات وتدنّيه في أوروبا أسفر عن تضخم كبير في أعداد المركبات المنتجة وعدم القدرة على تصريفها أو بيعها، ما حدا بصانعين كبار شأن فورد إلى اتخاذ قرار إقفال ثلاثة مصانع (منها مصنعان صغيران في بريطانيا عام 2013، يعقبه في 2014 غلق أبواب مصنع «جينك» الكبير في بلجيكا حيث يجمّع طرازا مونديو وإس - ماكس) مع تسريح آلاف العمال. ويرجّح أن يكلف إغلاق مصنع «جينك» 1,1 بليون دولار، ولكنه سيوفّر 730 مليون يورو سنوياً. كذلك تعتزم جنرال موتورز إغلاق أحد مصانعها في ألمانيا بحلول العام 2016. أما تحالف بيجو - سيتروين، فخضع لخطة إنقاذ حكومية تتراوح قيمتها ما بين 5 و7 بلايين يورو عبر بنك بيجو - سيتروين للتمويل BDF، بسبب تسجيل التحالف الفرنسي - الفرنسي لخسائر قياسية تجاوزت بليون يورو في النصف الأول من 2012 فضلاً عن تدني قيمة الأسهم من 15,21 يورو في تشرين الأول 2011 إلى 5,21 يورو في الشهر ذاته عام 2012. ويعتقد مراقبون، بخلاف الصانعين النخبويين، أن مصانع الإنتاج والتجميع الأوروبية تعمل بنسبة 68 في المئة من طاقتها وسعتها الإنتاجية، أي أقل من الحد الأدنى للربحية الذي يتراوح ما بين 75 و80 في المئة. كذلك تضرر أكبر صانع أوروبي للسيارات، وهو فولكسفاغن، من الأزمة الطاحنة، إذ انخفضت أرباحه التشغيلية بنسبة 19 في المئة في الفصل الثالث من 2012، لتصل إلى 2,34 بليون يورو، كما تتكل المجموعة الألمانية على مبيعاتها القوية خارج أوروبا لموازنة الركود في عقر دارها. وعلى رغم أن السوق الألمانية للسيارات شهدت كساداً بدورها، إلا أنها لا تزال أقوى من مثيلتها الأوروبية الأخرى، فقد ارتفعت مبيعات الماركات النخبوية شأن بورشه وآودي في الشهور التسعة الأولى من عام 2012، كما تم تسليم 2,4 مليون وحدة للزبائن في السوق الألمانية خلال هذه الفترة، أي أن الانخفاض كان طفيفاً مقارنة بالفترة عينها من العام الماضي. وصحيح أن مرسيدس - بنز وبورشه أعلنا عن مبيعات قوية في النصف الأول من عام 2012، إلا أنهما باتا مضطرين إلى مراجعة توقعاتهما للعام ذاته وإعادة تقويمها سلبياً، إذ يخسر كل منهما بليون يورو في أوروبا. كذلك يتوقع أن تنخفض مبيعات رينو بنسبة 7 أو 8 في المئة في أوروبا، بعدما انخفضت مبيعاتها 36 في المئة في فرنسا في أيلول الماضي. ووفقاً لسيرجيو ماركيوني، الرئيس التنفيذي لتحالف فيات - كرايسلر، فإن مصانع فيات في إيطاليا تعمل بسعة إنتاجية لا تتجاوز ال50 في المئة. آسيا... بين بين! في السوق اليابانية، نجحت سياسة التحفيز التي انتهجتها حكومة طوكيو مع السيارات الصديقة للبيئة في تشجيع الزبائن على اقتناء هذه الفئة من السيارات، وإن توقع خبراء انخفاضاً طفيفاً في المبيعات بسبب تدني الطلب في الفترة الممتدة بين تشرين الأول وكانون الأول (ديسمبر) 2012. وفي السوق الكورية، انخفضت المبيعات موقتاً بسبب إضراب العمال في مصانع هيونداي وكيا، وتوقع الخبراء تحسن المبيعات تدريجاً مع عودة العرض إلى معدلاته الطبيعية يعقبه إطلاق موديلات جديدة بما في ذلك طراز كيا K3 أو فورتي الأحدث. ومن بين الأسواق الناشئة، يمكن التطرق إلى السوقين التايلاندية والإندونيسية اللتين تبليان بلاء حسناً، إذ تتجهان بقوة نحو زيادة تصنيع السيارات مع النمو المضطرد للطبقة الوسطى المعزز بنمو اقتصادي مميز. ومع استحواذ الصانعين اليابانيين على 90 في المئة من هاتين السوقين، تبدو المنافسة عموماً غير محتدمة كما هي الحال في الأسواق الناشئة الأخرى التي تعج بمنافسين من اليابان وكوريا والولاياتالمتحدة وأوروبا. وفي السوق الصينية، فاقت معدلات الطلب على السيارات السعة الإنتاجية للمصانع، ما أدى إلى إطلاق خطوط إنتاج جديدة في بعضها. وكانت المبيعات في هذه السوق سجلت ارتفاعاً كبيراً عام 2009 بلغ 46 في المئة، و32 في المئة في العام التالي. ومع تباطؤ النمو في 2011 بنسبة 2,5 في المئة، يتوقع اتحاد صانعي السيارات الصينية ارتفاعاً طفيفاً في المبيعات هذا العام يتراوح بين 5 وفي المئة. www.carsandspeed.com