استمرت جماعة الحوثيين أمس في تصعيدها المسلح عند الأطراف الشمالية الغربية لصنعاء ومدخلها الجنوبي، ما أسفر عن قتل 20 شخصاً على الأقل وتدمير عدد من المنازل التابعة لخصومهم في حزب «الإصلاح». وتزامن التصعيد مع وصول المبعوث الأممي جمال بنعمر أمس إلى معقل الجماعة في صعدة في محاولة لإقناع زعيمها عبدالملك الحوثي بالموافقة على مسودة اتفاق ينزع فتيل الأزمة وينهي حصار صنعاء المستمر منذ أكثر من شهر. جاءت هذه التطورات غداة اندلاع مواجهات عنيفة بين مسلحي الجماعة وخصومها القبليين في ضاحية وادي ظهر وقرية القابل امتدت إلى الأحياء الشمالية الغربية للعاصمة في منطقة شملان بعد يوم من سيطرة مسلحيها على مواقع جديدة في محافظة الجوف التي تشهد معارك متواصلة منذ ثلاثة أشهر. وأفاد شهود ل «الحياة» بأن المسلحين الحوثيين فجروا صباح أمس مدرسة وأربعة منازل لقادة في حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون) في منطقة شملان، كما اشتبكوا مع حاجز للجيش يسانده مسلحون قبليون، ما أسفر عن سقوط أكثر من 20 شخصاً على الأقل وعشرات الجرحى بينهم جنود». وشوهد أمس فريق من الصليب الأحمر ينتشل الجثث في مناطق شملان ووادي ظهر والقابل والمحجر، في حين أكد مصدر عسكري ل «الحياة»، «أن المسلحين الحوثيين اعترضوا أمس عند المدخل الجنوبي للعاصمة في منطقة حزيز دورية للشرطة العسكرية وأطلقوا عليها النار، ما أدى إلى قتل ثلاثة جنود وجرح اثنين». ودبت في الأحياء الشمالية والغربية لصنعاء أمس، حالة من الذعر بين الأهالي وغادرت عشرات الأسر مساكنها خوفاً من تفاقم الأوضاع واندلاع مواجهات شاملة بين المسلحين الحوثيين وقوات الجيش. في غضون ذلك وصل جمال بنعمر أمس إلى معقل الحوثيين برفقة وفد حكومي على رأسه مدير مكتب رئيس الجمهورية أحمد عوض بن مبارك ورئيس جهاز الأمن السياسي جلال الرويشان في محاولة لإقناع الحوثي بالموافقة على مسودة اتفاق أعده بنعمر في اليومين الماضيين بعد التشاور مع الأطراف السياسية في صنعاء. ومن المتوقع أن يكشف المبعوث الأممي عن نتائج زيارته إلى صعدة بمجرد العودة إلى صنعاء وسط أنباء عن بوادر اتفاق شامل يلبي مطالب الجماعة المعلنة في إسقاط الحكومة وإعادة النظر في قرار زيادة سعر الوقود إلى جانب إشراك الحوثيين في القرار السياسي وتحديد جدول زمني لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي كان أنهى أعماله مطلع السنة الحالية. وتشترط السلطة أن ينص الاتفاق على سحب المسلحين الحوثيين من محيط صنعاء وإنهاء الاحتجاجات والاعتصامات داخلها، والانسحاب الكلي من مدينة عمران ووقف القتال في محافظة الجوف وتسليم الأسلحة الثقيلة إلى الدولة. ويشكك مراقبون في جدية الحوثيين في التوصل إلى اتفاق يضع حداً لتمددهم على الأرض وسعيهم الدؤوب للسيطرة على مفاصل الدولة، ويرجحون «أن الجماعة وبعيداً من أي اتفاق توقعه ستمضي في التأسيس لسلطة مذهبية في شمال البلاد مستغلة حالة الانتقال السياسي وبالاستناد إلى الدعم المادي والمعنوي من طهران».