طغى ملف السوريين والفلسطينيين النازحين من سورية إلى لبنان على اهتمامات المسؤولين في لبنان أمس، إذ بحث الرئيس ميشال سليمان مع وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور الذي زاره في قصر بعبدا أهمية تأكيد موقف لبنان باستقبال النازحين ورعايتهم، وفي الوقت نفسه حضهم على العودة بالتزامن مع التدابير الآيلة إلى الاستقرار التدريجي للأمن في أماكن إقامتهم السابقة. كما عرض سليمان الموضوع نفسه مع السفير الفلسطيني أشرف دبور الذي أطلعه على أوضاعهم والتدابير التي اتخذت في المخيمات بنوع خاص من أجل استقبالهم وإيوائهم في انتظار عودتهم التي تمنى «أن تكون سريعة». وفي السراي الكبيرة، اجتمعت لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني في حضور أبو فاعور ودبور، ورئيس اللجنة خلدون الشريف وممثلين عن الفصائل الفلسطينية. وقال أبو فاعور: «تم في الاجتماع تأكيد موقف لبنان وحكومته من أن لبنان لن يقفل حدوده في وجه أي نازح سوري أو فلسطيني، وهذا ما تم إقراره في جلسات مجلس الوزراء وفي المداولات السياسية التي تحصل على ضفافه، إقفال الحدود غير ممكن أخلاقياً وإنسانياً وأخوياً وغير قابل للتطبيق واقعياً لأن إقفال الحدود معناه تشجيع العبور غير الشرعي، وربما نبدأ بعبور أشخاص ولا أعرف أين ننتهي بعبور سلاح أو مسلحين أو غيره، فليبق هذا العبور ضمن المعابر الشرعية». ولفت إلى أنه «تم الاتفاق مع السفير الفلسطيني والإخوة في الفصائل بأننا نريد لهذا النزوح الفلسطيني إلى لبنان أن يكون موقتاً، واتفقنا على أن نتحين الفرص لإطلاق حركة عودة عكسية من لبنان إلى سورية وتحديداً مخيم اليرموك عندما يحصل اطمئنان بأنه ليس هناك من مخاطر أمنية على العائلات الفلسطينية وبذلك نكون نحفظ الوضع الفلسطيني والاستقرار اللبناني ونعفي العلاقة اللبنانية الفلسطينية التي تطورت في الفترات الأخيرة بشكل قياسي، من الكثير من المخاوف والهواجس». وطمأن دبور بدوره «الإخوة اللبنانيين إلى أنه لن تكون هناك مخيمات جديدة وأن هذه الاستضافة لإخوتنا النازحين من المخيمات الفلسطينية في سورية هي موقتة، وهذا قرار جماعي فلسطيني على مستوى القيادة والفصائل، وبالاتفاق مع الإخوة في الدولة اللبنانية». أما الشريف فقال: «يجب أن يعلم الجميع أن عدد الذين نزحوا أخيراً من مخيم اليرموك لا يلامس 3000 نازح». وحول طبيعة الأموال التي ستخصص للنازحين أجاب أبو فاعور، «بدأت تصل بعض الإشارات الإيجابية والوعود وبعض المبالغ الفعلية، وأكثر من سفارة وجهة دولية أبدت رغبتها بالتجاوب مع الحكومة اللبنانية وأعتقد أن الخطة التي طرحتها الحكومة لاقت قبولاً كبيراً وننتظر المبالغ الكاملة لنعرف ما هو الحجم الذي سنحصل عليه»، مؤكداً أن «الأموال في الخطة التي تم اقتراحها، لم تذهب إلى الدولة اللبنانية مباشرة، سيذهب قسم منها إلى المفوضية العليا للاجئين وقسم لليونيسف، وقسم إلى برنامج الغذاء العالمي وإلى منظمات دولية أخرى، والأموال إذا أتت إلى الدولة اللبنانية سيكون هناك آلية واضحة تقر في مجلس الوزراء وستكون موجهة إلى الوزارات المعنية ليتحقق الحجم الأكبر من حاجة الدولة اللبنانية وهو في مسألة الصحة وزارة الصحة لديها خطة واضحة ربما بتوجيه بعض المساعدات إلى المفوضية العليا للاجئين وبرنامج الغذاء العالمي واليونيسيف ويبقى العبء الأساسي هو الصحة والذي حتى اللحظة ليس هناك من تقديمات واضحة والدولة تحتاج إلى تقديمات واضحة». وقال أبو فاعور: «التحدي الأخطر والأكبر الذي تواجهه الحكومة اللبنانية والدولة ليس الموضوع الفلسطيني فقط بل موضوع النزوح في شكل عام». وعلمت «الحياة» أن دبور أكد للمسؤولين اللبنانيين أن عودة النازحين الفلسطينيين إلى مخيم اليرموك كانت بدأت فعلاً، إلا أنها توقفت قبل يومين بسبب مقتل 16 فلسطينياً بأعمال القنص داخل اليرموك، وأشار إلى ان عناصر الجيش السوري النظامي الذين يقيمون حاجزاً لهم على مدخل المخيم يقومون بتصنيف العائدين. ولفت أيضاً إلى أن مناوشات لا تزال قائمة داخل المخيم بسبب وجود شارعين متداخلين بين سيطرة الجيش النظامي والجيش السوري الحر. وأفادت معلومات أن حركة «حماس» أبدت استعدادها إلى نقل النازحين الفلسطينيين على نفقتها الخاصة فور استتباب الأمن في اليرموك. وأشارت معلومات إلى أن عدد النازحين الفلسطينيين يتراوح بين 12 و13 ألفاً يتوزعون على عدد من المخيمات وعلى منطقتي البقاع والشمال. وزار دبور أمس المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم يرافقه وفد من الفصائل الفلسطينية مؤلف من حركات: «فتح»، «حماس»، «القيادة العامة»، «الجهاد الإسلامي» و «فتح الانتفاضة». وجرى عرض ملف اللاجئين الفلسطينيين النازحين من سورية إلى لبنان. في وقت أفادت المديرية العامة للأمن العام بأن عدد النازحين الفلسطينيين من سورية إلى لبنان منذ 26 تموز (يوليو) 2012 حتى صباح 24 /12/2012، بلغ 38447 نازحاً، أما الذين عادوا إلى سورية في الفترة نفسها فبلغ عددهم 24320 نازحاً. ويكون عدد الفلسطينيين اللاجئين في سورية والموجودين حالياً في لبنان حتى تاريخه 14127 فلسطينياً. إبراهيم: الأمر مضبوط ولاحقاً، أعلن اللواء ابراهيم ان «المؤسسات في لبنان هي الملاذ الوحيد لكل اللبنانيين ومن مهامنا ان نؤمن الارضية الامنية الصالحة للسياسيين ليعملوا في السياسة». وقال ابراهيم في لقاء مع وفد نقابة المحررين أمس، ان «قضية جثث قتلى تلكلخ استدعت منا الذهاب الى سورية والحديث مع المسؤولين فيها وعالجنا الموضوع بلا خلفيات سياسية او مذهبية، هي جثث للبنانيين ومن واجبنا ان نعيدها الى أهلهم. فالقانون اعطانا الحق بالامن الخارجي ونحن نعمل بالتنسيق والتواصل مع الحكومات الاجنبية». وبالنسبة الى مخطوفي اعزاز، أكد ان «الاتصالات التي باشرناها لم تتوقف الى هذه الساعة لأن المهم ان يعودوا الى اهلهم، وإن لم تسمعوا بما قمنا ونقوم به فلأن هذا الاسلوب هو الانجع وان كنا نتفهم ردود الفعل العاطفية، ليسمحوا لنا بالقليل من التعقل»، معتبراً ان «القضية ليست عاصية على الحل». وحذر ابراهيم من التعرض للمصالح التركية او غيرها «لأن ذلك لن يفيد، فالاتراك يقومون بما يستطيعون، وسبق ان تعرض مواطنوهم للخطف وعملنا على اطلاقهم، والقضية في ايدٍ امينة». وعن تداعيات النزوح السوري والفلسطيني الى لبنان، قال ان الارقام الصادرة عن الاجهزة الدولية «دقيقة وقد تحتمل اضافات، واذا قالوا 140 الفاً، قد يكون هناك 200 الف بسبب عدم تسجيل البعض». ولفت الى الوجه الانساني للقضية «لانه لا يمكننا الا ان نستقبل من تعرض للظلم، ولكن اطمئن الجميع ان مهمة الامن العام ضبط دخولهم ومقار اقامتهم وهي قضية تحت السيطرة». ورفض ابراهيم التعليق على ما يقال عن دخول «القاعدة» او غيرها، فأوضح ان «الامر مضبوط وليطمئن الجميع»، رافضاً الدخول في «كل ما يعتبر جوانب سياسية من هذه القضية». وفضل «البقاء بالمقاربة الامنية للموضوع»، مؤكداً ان «هذا النزوح موقت ولا يمكن مقارنته بأي وضع آخر». ولفت إلى ان «اللافت بند دائم على لقاء القيادات الامنية والعسكرية الدورية، ونعالج الموضوع ونتبادل المعلومات للمواجهة معاً... أما الحديث عن ظهور مسلح ومنظم للنازحين فهو امر في غير محله رغم تسجيل بعض الحالات الفردية». ونفى امكان استغلالهم من اي فريق لبناني. إلى ذلك، استقبل الرئيس السابق لبلدية صيدا عبدالرحمن البزري أمس وفداً من «منظمة التحرير الفلسطينية» برئاسة أمين سر المنظمة فتحي أبو العردات. وحمل البزري الحكومة مسؤولية التقاعس في قراءة خطورة ما يحدث وعدم القيام بواجبها والإقرار بدورها في معالجة مشكلة الآتين من سورية «ما أدى إلى محاولة البعض استغلال الملف الإنساني بامتياز لأسباب سياسية وتحريضية».