عمد المتشددون الذين يسيطرون على شمال مالي إلى تدمير مزيد من الأضرحة في تمبكتو (شمال شرق) غداة قطع أيدي أشخاص اتهموا بالسرقة في غاو، في ما يمكن اعتباره استخفافاً بقرار الأممالمتحدة الموافقة على إرسال قوة دولية مسلحة لقتالهم. وبدأ الإسلاميون تدمير الأضرحة في تموز (يوليو) الماضي، تطبيقاً للشريعة، في المنطقة التي ينفردون بالسيطرة عليها منذ ستة أشهر. ووقعت أعمال الهدم بعد ثلاثة أيام من تبني مجلس الأمن قراراً يجيز على مراحل وبشروط، نشر قوة دولية اعتباراً من أيلول (سبتمبر) 2013 على أقرب تقدير، لإخراجهم من شمال مالي. وقال «أبو الدردار» المسؤول في حركة «أنصار الدين» الإسلامية المسلحة التي تحتل تمبكتو مع «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي: «لن يبقى أي ضريح في تمبكتو. هذا مخالف لمشيئة الله، نقوم بهدم كل الأضرحة المتوارية في الأحياء». وبرر محمد الفول الذي قدم نفسه على أنه عضو في «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» أعمال الهدم بالقول إنها تستهدف كل ما لا يمت بصلة إلى الإسلام «لا عبادة إلا لله وحده». وأكد سكان في المدينة أن الإسلاميين هدموا الأضرحة في تمبكتو التي يطلق عليها اسم «مدينة ال333 ولياً»، في إشارة إلى الأولياء الصالحين الذين يرقدون فيها. وقال أحدهم: «حالياً يهدم الإسلاميون كل الأضرحة في الأحياء بالمعاول». وقال شاهد آخر: «رأيت الإسلاميين يترجلون من سيارة قرب المسجد الكبير في تمبكتو. وقاموا وراء منزل بهدم ضريح هاتفين الله أكبر». وإضافة إلى المقابر والمساجد، تنتشر الأضرحة في بعض الشوارع والمنازل في المدينة. وأعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون عن «صدمتها» لتدمير مزيد من الأضرحة في تمبكتو، وأورد بيان للناطق باسمها أنها «صدمت بشدة للتدمير الوحشي للأضرحة والمواقع المقدسة في تمبكتو، وتدعو إلى الإسراع في حماية هذا التراث الثقافي والديني الفريد في أفريقيا». وأضافت آشتون أن ما يحصل «هو مأساة ليس للماليين فحسب بل للعالم أجمع»، مؤكدة أن «أعمالاً مماثلة لن تسهل المفاوضات» التي تدعو إليها الأممالمتحدة بهدف قيام حكومة شرعية في شمال مالي. وكررت «التزام الاتحاد الأوروبي دعم الماليين والمساعدة في تشكيل حكومة شرعية تبسط سيطرتها على كل أنحاء البلاد». وفي تموز (يوليو) وتشرين الأول (أكتوبر) الماضيين، أثار «أنصار الدين» و «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» الاستياء عندما هدموا ضريحاً داخل حرم المسجد الكبير في المدينة مدرجاً على لائحة التراث العالمي المهدد. وهم يعتبرون إجلال الأولياء طقوساً وثنية. ثم عمدوا لاحقاً إلى هدم أضرحة أخرى عشية اجتماع دولي في باماكو حول إرسال قوة مسلحة إلى مالي لطردهم من شمال البلاد التي يحتلونها منذ ستة أشهر مع «حركة التوحيد والجهاد» في غرب أفريقيا. وهذه المرة وقعت أعمال الهدم بعد ثلاثة أيام من تبني مجلس الأمن قراراً يجيز على مراحل وبشروط نشر قوة دولية اعتباراً من أيلول (سبتمبر) 2013 على أقرب تقدير لاستعادة شمال مالي، قوامها 3300 جندي أفريقي. والجمعة قام إسلاميو «التوحيد والجهاد» الذين يسيطرون على غاو ببتر يدي رجلين متهمين بالسرقة وتوعدوا بعقوبات مماثلة «قريباً». وفي 29 تموز (يوليو) في اغيلهوك (شمال شرق) قام عناصر من أنصار الدين برجم رجل وامرأة حتى الموت اتهموهما بإنجاب أطفال من غير زواج. ومنذ آب (أغسطس) الماضي، قام الإسلاميون بعدة عمليات بتر أطراف في أماكن عامة في مختلف بلدات شمال مالي إلى جانب جلد أزواج «غير شرعيين» ومتعاطين للكحول ومدخنين وغيرهم من «المنحرفين» وتوقيف نساء سافرات في منازلهن. وأعلنت «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» وجماعة «أنصار الدين» الجمعة في الجزائر التزامهما وقف الأعمال الحربية والتفاوض مع السلطات المالية، ونددتا بقرار مجلس الأمن الذي يجيز تدخلاً عسكرياً دولياً لتحرير شمال مالي من الجماعات الإسلامية المسلحة التي تسيطر عليه منذ آذار (مارس) 2012. كما أبدت الحركتان استعدادهما لوقف الأعمال الحربية والتفاوض مع السلطات المالية. لكن «أنصار الدين» كررت أنها لا تنوي العودة عن تطبيق الشريعة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.