تخطى الصراع بين الإسلاميين والقضاة في مصر حد الخلافات القانونية أو الدستورية واتخذ منحى جديداً عبر عنه الاعتداء الذي استهدف رئيس نادي القضاة أحمد الزند فضلاً عن حملة شرسة تشنها شخصيات وقنوات فضائية تابعة للتيار الإسلامي ضد القضاة. ومنذ اعتلاء الرئيس محمد مرسي السلطة، بدأ الخلاف بين مؤسستي الرئاسة والقضاء، نظراً إلى رفض الرئيس اداء اليمين الدستورية في مقر المحكمة الدستورية العليا وأمام قضاتها، لكن أمام إصرار القضاة على عدم الانتقال إلى مقر آخر، نزل الرئيس عند رغبتهم واضطر إلى تلبية مطلبهم لتسلم السلطة، لكنه كرر مراراً الحديث عن «تآمر» عدد من قضاة المحكمة على السلطة، بعدما أطاح النائب العام السابق عبدالمجيد محمود. ومنذ تفجر الأزمة السياسية الحالية قبل شهر، والقضاة في قلب المشهد السياسي، خصوصاً بعد قرارهم تعليق العمل في المحاكم ومقاطعة غالبيتهم الإشراف على استفتاء الدستور، فضلاً عن تضامن نادي القضاة مع وكلاء النيابة المحتجين على تراجع النائب العام الحالي طلعت عبدالله عن استقالته. وكان عشرات الإسلاميين تجمعوا أول من أمس أمام مبنى دار القضاء العالي في مواجهة وكلاء النيابة الذين نظموا وقفة احتجاجية ضد تصرف عبدالله، وظلوا يهتفون ضدهم: «انتوا ولاد الزند» و «الشعب يريد تطهير القضاء» و «الفساد مش هيعود»، وهي الهتافات التي رد عليها وكلاء النيابة بالتصفيق. وانتهت الليلة باعتداء استهدف الزند. وروى عضو مجلس إدارة نادي القضاة محمد عبده صالح ل «الحياة» أنه أثناء خروج الزند من مقر نادي القضاة يرافقه عدد من القضاة كان صالح بينهم «فوجئنا بتجمع عدد من المواطنين يوجهون سباباً إلى الزند ثم بدأوا في الاقتراب منا وسمعنا أصوات إطلاق أعيرة نارية». وأضاف: «اقترب شاب من الزند ولاحظت أنه يهم بإخراج سلاح أبيض من ملابسه، فشرعت في إخراج مسدسي فتراجع، وبدأ عدد من المتجمهرين في إلقاء الحجارة علينا، وأصيب الزند في وجهه، قبل أن يخرج الزملاء من النادي لما زاد دوي إطلاق النار». وأوضح أن «أعضاء النادي تمكنوا من إلقاء القبض على ثلاثة من المهاجمين فيما فر الباقون إلى شوارع عدة». وقرر المحامي العام الأول لنيابات وسط القاهرة الكلية عمرو فوزي أمس حبس المتهمين الثلاثة (مصريان وفلسطيني) أربعة أيام على ذمة التحقيقات، وطلب تحريات الأمن عن الواقعة والمتهمين الثلاثة، إضافة إلى استكمال سماع شهود الواقعة. ووجهت النيابة إلى المتهمين تهم «البلطجة واستعراض القوة والتلويح بالعنف والتعدي على أعضاء السلطة القضائية». واستمعت إلى أقوال ستة شهود من أعضاء القضاء والنيابة وموظفي النادي. وأمر فوزي بتفريغ محتويات بطاقات الذاكرة الخاصة بالهواتف المحمولة للمتهمين الذين أنكروا كل التهم الموجهة إليهم، وقالوا إنهم كانوا يمرون بالصدفة من أمام نادي القضاة، وشاهدوا تجمعات لمجموعة من المتظاهرين أمام النادي، ورددوا هتافات مع المتظاهرين. وأعلن مجلس القضاء الأعلى استنكاره للاعتداء على الزند. في موازاة ذلك، صعد الإسلاميون من حملة التشكيك في القضاة، وزادت حملة الفضائيات التابعة للإسلاميين ضدهم. وكال الإسلاميون الاتهامات للقضاة بالدفاع عن مصالحهم ومكاسبهم، ومنها تعيين أبنائهم وأقاربهم في سلك القضاء من دون وجه حق. وعمم القيادي في «الإخوان» حمدي حسن أمس بياناً على الصحافيين اتهم فيه قاضياً كبيراً بالاسم بتعيين 40 من أقاربه ب «الواسطة» في مؤسسات وجهات قضائية. وتساءل في بيانه الذي حمل عنوان «فضيحة: هل هؤلاء سيقيمون العدالة في أي مكان؟». ورد عضو مجلس إدارة نادي القضاة عبده صالح على هذه الحملة بأنها «محاولة لتضليل الرأي العام ليفقد ثقته في قضاته»، معتبراً أن هدفها «الابتزاز كي تتمكن السلطة التنفيذية من القضاء». وقال: «هم دائماً يداعبون مشاعر البسطاء، وهذا جزء من خططهم».