يبدو ان الدقة والانضباط هي العامل المشترك بين العمل السابق لضيفنا وما يمارسه حاليا، فقد امضى أديب بن محمد ادريس اكثر من ربع قرن ضابطا وعسكريا ثم تحول بعد تقاعده إلى صناعة الذهب والمجوهرات التي تتطلب دقة شديدة في اوزانها وامانة كبيرة في تعاملاتها، يضيء لنا إدريس نقاطا عن تجارة وصناعة الذهب والمجوهرات، اسعارها وتقلباتها، مؤكدا ان حجم الطلب لم ينخفض في هذا السوق جراء الازمة المالية العالمية ومعتبرا ان الذهب يعد ملاذا آمنا في ظل تقلبات الاسواق، ومطالبا وزارة التجارة والصناعة بتشديد حملاتها على الورش غير النظامية التي تعمل في سوق الذهب.. كيف تحولت من ضابط وعسكري إلى تاجر وتحديدا في الذهب؟ - نحن في الاصل أنا من اسرة تجارية وصناعية ووالدي كان من كبار تجار الاقمشة في مكةالمكرمة، وكنت في صغري اشتري وابيع الذهب بما يتوفر لدي من مصروف ثم بدأت من وقت مبكر بشراء بعض الاسهم البريطانية والامريكية، واثناء عملي العسكري لم تكن لدي فرصة بالعمل المباشر في التجارة سوى المساهمة مع بعض افراد الاسرة في بعض مشاريعهم الصناعية والتجارية، ولكني بعد ان خدمت 27 عاما في العمل العسكري وجدت في نفسي حاجة للعودة إلى النشاط التجاري والصناعي الذي يسري في دمي ومباشرة اتجهت إلى المجال الصناعي حيث عملت في صناعة الكابلات والاسلاك الكهربائية ومصابيح الانارة وبعدها كرست عملي الخاص للمشغولات الحديدية والاثاث المعدني والعبوات المعدنية ثم العودة مرة اخرى إلى صناعة المجوهرات والحلي والمشغولات الذهبية حيث ساعدني في ذلك اضافة لخبرتي السابقة أن اهل زوجتي وعائلتها واجدادها من كبار صناع وتجار المجوهرات في مدينة الطائف وكان والدها الشيخ محمد عبدالوهاب الصايغ شيخ الصاغة في الطائف لأكثر من ثلاثين عاما وبعد ذلك شقيقه الشيخ عبداللطيف الصايغ وقد كنت دائما اتابع معهم واتعلم منهم وامارس بعض النشاط، ثم عندما وجدت الوقت مناسبا عدت إلى هذا المجال بتوسع وتفرغ تام وخاصة في الرياض العاصمة. وكيف كانت العودة من ناحية جدواها الاقتصادية؟ - في السنوات الخمس الاولى كان هناك كثير من الصعاب والتعثروالخسائر لظروف متعددة ولكننا مع الاستمرار استطعنا تجاوز ذلك لاننا نحب هذه المهنة وهذا شرط اساسي للنجاح في الاعمال وخاصة الصناعية منها فعندما تمارس او تقيم عملا تربطك به علاقة حب او عشق فإنك تتجاوز العقبات وتحقق النجاح وتبدع وهو ماتحقق لنا ولله الحمد. هل تأثر الذهب بالازمة الاقتصادية الحالية؟ - كل شيء لابد ان يتأثر ولكن هناك مفهوم او شبه معادلة معروفة لدى المختصين وهي ان الذهب والدولار مثل كفتي الميزان فإذا ارتفع الدولار انخفض الذهب والعكس بالعكس، والناس في ظل الازمات يبحثون عن ملاذات آمنة وفي نظري ان الذهب يعتبر ملاذا آمنا شريطة حسن التصرف وانتهاز الفرص في الاسواق. هل لاحظتم ركودا في تجارة الذهب والمجوهرات في السوق السعودية وكم تقدرون حجم التداولات والتعاملات لدينا ؟ - في مهنتنا نحن نقوم بالتصنيع لتجار الذهب والمجوهرات والمراكز الكبرى ولم نلحظ اية انخفاض في احجام الطلب، وعليك ان تعرف ان هناك مواسم تزدهر فيها عمليات البيع اكثر من غيرها واخرى يقل فيها ذلك النشاط فموسم الحج والذي نعيشه هذه الايام يزداد فيه الطلب على الحلي الذهبية وبالذات في المنطقة الغربية والمشاعر المقدسة ويكون الطلب على الحلي التقليدية الذهبية وليس على المجوهرات. اما مواسم المجوهرات كالالماس والاحجار الكريمة ومشغولاتها فهي ترتبط اكثر بمواسم الافراح والاعياد وحفلات الزواج والتي تتم عادة ايام العطل الصيفية واجازات المدارس. والسوق السعودية تستورد سنويا ما يراوح بين 130 طنا و180 طنا من الذهب بينما يتم تصنيع ما يقارب 12 طنا من قبل المصانع السعودية وقد سبق ان وصلت هذه الارقام إلى 200 طن قبل عامين كما نستطيع تقدير حجم التعاملات في سوق الذهب والمجوهرات السعودي بما يتراوح بين 10 مليار إلى حدود 13 مليار ريال سنويا حيث يعتبر السوق الاول في منطقة الشرق الاوسط والرابع عالميا من بين اهم واكبر عشرة اسواق دولية للذهب والمجوهرات. ويتجاوز عدد المصانع خمسين مصنعا اضافة إلى اكثر من 700 مشغل وحوالي 5000من المعارض ومحلات البيع عدا الباعة غير الثابتين او غير النظاميين كما في كل قطاع. تشتكي النساء من انخفاض قيمة الذهب والحلي عند رغبتهن في اعادة بيعه فكيف يصبح ملاذا آمنا؟ - في الغالب الشراء يتم من تجار التجزئة ومنهم من لايرغب في شراء الحلي والمجوهرات والمصوغات المستعملة هذا جانب والاخر ان هذه الحلي تشترى بالوزن الدقيق للذهب مع استبعاد كافة الاضافات المصنعية الا اذا كانت احجارا كريمة كبيرة وهي مايزيد حجمها عن نصف قيراط وذات شهادة صادرة من التجار المعروفين والتي تحتفظ بقيمتها عند اعادة البيع، لذلك فإنه بعد استبعاد الاضافات يقل الوزن لذلك تقل القيمة، لكن فيما لو كان المباع او المشترى ذهبا خالصا فإن سعره يحتسب بناء على السعر اليومي للذهب. ومن افضل الطرق للاعتماد على الذهب كملاذ آمن في الازمات ان يتم التعامل فيه عبر البنوك والمصارف بطريقة مشابهة لعملية شراء وبيع الاسهم كأن تشتري 50 كيلو جرام مثلا عندما تنخفض الاسعار وتقتنص الفرصة لبيعها حين الارتفاع لكني لا انصح بشراء الذهب كسبائك يتم الاحتفاظ بها وتخزينها حيث هناك مخاطر في الامر ودخول في مسائل شرعية وغيرها من باب والذين يكنزون الذهب والفضة ..الافضل هو التعامل في الذهب عن طريق صناديق البنوك مع انك لو اردت ان تحصل على الذهب الذي تمتلكه تستطيع اخذه كسبائك من البنك في حال رغبت ذلك. كما ان السيدات وربات المنازل يمكن ان يشترين مصاغهن من الذهب اضافة إلى استخدام مايتوفر لهن من مال في شراء بعض الكميات المحدودة على سبيل المثال كيلو جرام او اثنين وتستطيع التصرف فيها والاستفادة منها في اوقات الارتفاع. كأنك اشرت إلى ممارسات او تعاملات في سوق الذهب والمجوهرات لدينا غير نظامية هل تفسر لنا المسألة؟ - كما في كل الاسواق في العالم وكما في كل القطاعات لدينا ولدى الاخرين، تنتشر في بعض المدن وخاصة الكبرى منها مثل جدةومكةالمكرمةوالرياض وعن طريق العمالة السائبة ورش صغيرة للذهب غير قانونية وغير نظامية يقومون بالتعامل مع بعض تجار الذهب ويصنعون لهم مايرغبون من المشغولات مما يؤثر على اسعار السوق من ناحية ويقلل من جودة الشروط والمواصفات وهؤلاء ليس عليهم التزامات كما المصانع والورش النظامية الخاضعة للانظمة، حيث كل المصانع والورش القانونية تؤخذ منها عينات من قبل ممثلي وزارة التجارة والصناعة للتأكد من الجودة والوزن والنوعية اما تلك الورش فبالطبع لاتمر بهذه الالية، ونحن نقدر جهود الجهات المسؤلة في تنظيف السوق من هؤلاء وكثيرا ما نشرتم في جريدة الرياض تحديدا اخبارا عن مداهمة فرق التجارة لورش ذهب غير نظامية تمارس النشاط دون تصاريح او تراخيص وصولا إلى الغش في اعيرة الذهب وفي جميع الاحوال هم متواجدين في السوق ونأمل المزيد من احكام الضوابط وتظافر الجهود من اجل التقليل من حجم وجودهم غير المشروع. هذا فيما يتعلق بالذهب ماذا عن الالماس هل يصل الينا اشياء مهربة منه؟ - فيما يتعلق بالألماس فتتعرض السوق لباعة الألماس السائب والذين يأتون اما بتأشيرة زيارة او عمرة او غيرها ولفترات محدودة ويحملون معهم بعض الكميات منه ويتم بيعها بأسعار منخفضة عن اسعار السوق، لكن من يقومون بالشراء من هؤلاء ستواجههم عقبة عند رغبتهم في اعادة البيع حيث في الالماس والمجوهرات تتم المطالبة بالفاتورة الخاصة بعملية الشراء او الشهادة الاصلية التي تحدد نوع ولون الاحجار الكريمة التي تصدرها معاهد عالمية متخصصة او كبار الصاغة والجوهرجية في البلاد، كما ان انظمة بلدنا توجب على المتعاملين في شراء وبيع المجوهرات الاطلاع على اساس فواتير الشراء الاولى والتأكد من هوية البائع الفرد في حالة شراء المصوغات المستعملة، لكن هناك من يشتري ويقوم بتصنيعها لدى الورش غير النظامية للاستخدامات الخاصة ايضا. ايضا لماذا تنخفض اسعار المجوهرات والألماس عند الرغبة في بيعها مرة اخرى؟ - لسبب بسيط جدا هو ان جميع الاحجار الكريمة التي تستخدم كحلي ومجوهرات في الغالب تكون قطعا واحجارا صغيرة وعند اعادة تفكيكها وفصلها مرة اخرى من الحلي والمشغولات تفقد منها اجزاء تؤثر على حجمها وعلى جودتها ايضا عند اعادة تركيبها، ماعدا بالطبع الاحجار الكبيرة او مايسمى ( الجواهر ) وهي ما كان وزنها اكثر من قيراط فهذه خسارتها قليلة. ما اكثر الاحجار الكريمة استخداما في صناعتكم وماذا عن اسعارها؟ - هناك الألماس وصل سعر القيراط من الصنف الاول منه إلى اكثر من 40 الف ريال، وهناك الزمرد ويشتهر بلونه الاخضر ويحتاج إلى عناية خاصة في صناعته وبأحجام كبيرة نسبيا ويصل سعر القيراط منه إلى 30 الف ريال وقد يتجاوز اسعار الألماس في بعض نوعياته، وكذلك هناك ( الزفير ) ذو اللون الازرق واسعاره مقاربة للزمرد وانواع اخرى كثيرة وعلى كل فإن اسعار الاحجار الكريمة تعتمد على نوعيتها وحجمها والحاجة اليها.