لاحظ مراقبو الأوضاع الاقتصادية في العراق حركة سريعة لتدفق السلع الإيرانية، والترويج لها بمختلف الطرق داخل السوق العراقية، لمضاعفة المبالغ المحولة إلى طهران التي تستغلها لوقف تدهور سعر الريال الإيراني أمام الدولار، نتيجة العقوبات الدولية. وهذا ما لاحظته أيضاً عضو اللجنة الاقتصادية النيابية العراقية نورة سالم البجاري في تصريح الى «الحياة». وأكدت ان في حال تمكنت وزارة التخطيط من وضع إحصاء دقيق نهاية العام الحالي، فسيظهر ان حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران تضاعف من 7 بلايين دولار العام الماضي إلى 14 بليوناً. وأوضحت أن كتلاً نقدية ضخمة بالعملة الصعبة تتسرب إلى إيران، عبر تجارة السيارات، حيث أوجدت بعض الجهات منافذ عدة لتصريف عشرات آلاف السيارات الرديئة الصنع بسرعة، وبمبالغ كبيرة مقارنة بنوعيتها، منها منافذ وزارة التجارة ووزارة الصناعة ومجالس المحافظات. ولفتت البجاري إلى أن سياسة الإغراق ستؤثر بشدة في اقتصاد البلاد، إذ من غير الممكن أن ينفق العراق سنوياً 50 بليون دولار على استيراد السلع، منها 7 بلايين على السيارات، في حين أبدت أحدى الشركات اليابانية استعدادها لنقل مصانع أحدى اكبر شركاتها الى العراق في مقابل نصف المبلغ المذكور. وسبق أن اتهم البنك المركزي العراقي سورية وإيران بتعمّد إفراغ السوق العراقية من العملات الصعبة وسحب كتل نقدية كبيرة، عبر توسيع حجم التبادل التجاري في شكل ساهم في هبوط قيمة الدينار العراقي أمام الدولار. ونفى مسؤول «مركز الدراسات الإيرانية» في كلية العلوم السياسية في «جامعة بغداد»، علي دريول، أن «يكون للعقوبات الدولية على إيران أثر مباشر على الاقتصاد العراقي، بقدر ما هي تأثيرات غير مباشرة، تكاد تكون غير مرئية، لكن لا يجب الاستهانة بها». وأشار الى أن طبيعة تأثر اقتصاد العراق بالعقوبات على إيران تكمن في آليات سحب العملة الصعبة من السوق العراقية، بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة. وأوضح أن «السوق العراقية مستوردة وتعتمد على إنتاج دول الجوار، بخاصة إيران وسورية وتركيا والخليج والأردن، وهي تشكل منفذاً للتخفيف من حدة العقوبات على طهران. ولفت إلى ان العراق مقيّد بتنفيذ القرارات الدولية، علماً ان معظم السلع غير مشمول بالمنع، كالأغذية والسلع الاستهلاكية. وأكد أن بعض التجار الايرانيين اشترطوا التعامل بالدولار فقط، وفقاً للسعر السابق للريال الايراني. وشدد الخبير الاقتصادي عماد العبود على أهمية أن يبدأ التاجر العراقي بفرض شروطه. وتابع أن هناك دولاً تريد الفوز بموطئ قدم داخل السوق العراقية، لا العكس، والكل لاحظ مدى التسهيلات التي قدمتها دول آسيوية عدة، في محاولة لكسب التاجر العراقي. ودعا إلى عدم الاعتماد على بلد واحد في التعامل التجاري، موضحاً أن السوق العراقية تستوعب ما قيمته 50 بليون دولار سنوياً من السلع، متهماً جهات محلية تحولت من مهمة المتاجرة مع إيران إلى مهمة المصرّف لبضائعها.