تُستعمل بعض القضايا الخليجية الداخلية مثل: حقوق الإنسان والأقليات الطائفية ك«شماعة» من جانب قوى إقليمية أو دولية للتدخل في الشؤون الداخلية الخليجية، فيما لا تبدو دول الخليج متحمسة لمعالجتها بذاتها لتسحب الذرائع من الآخرين، ويبدي رئيس مركز الخليج للدراسات الدكتور عبدالعزيز بن صقر نقداً ضمنياً لهذا التوجّه، قائلاً: «تراخي أية دولة في التعامل البنّاء مع قضايا حقوق الإنسان أو حقوق الأقليات، أو مع القضايا الطائفية أو العرقية سيفتح الباب واسعاً للتدخلات والنفوذ الخارجي، بغرض استهداف أمن الدولة واستقرارها». ويضيف ابن صقر: «إن هذا النوع من القضايا لا يختفي أو يزول تلقائياً، أو من دون تطوير الدولة لسياسة محددة المعالم للتعامل مع قضية حساسة مثل قضية حقوق الإنسان أو حقوق الأقليات، فهذه قضية دخلت قاموس المنطقة حديثاً»، لافتاً إلى أن هناك «حواراً جدياً قائماً اليوم بين مؤسسات الدولة ومجموعات من المواطنين الداعين لتقنين حقوق الإنسان حول الخطوات الواجب تبنّيها». ولا ينكر رئيس مركز الخليج للدراسات، بأنه «خلال العقود الزمنية الماضية حدث بعض التطور النوعي تمثّل في تبنّي معظم الدول الخليجية لسياسات واضحة تهدف إلى حماية حقوق الإنسان واحترام حقوق الأقليات استجابة لضغوط داخلية وخارجية، ولكن هناك سياسة واضحة من دول معادية لتضخيم قضية حقوق الإنسان في دول الخليج وتشويه الحقائق ومحاولة استغلالها لأغراض ودوافع سياسية لا علاقة لها بالقضية الأساسية»، مضيفاً: «إن سياسة دول المجلس في هذا المجال يجب أن تقوم على مبدأ ثابت نابع من أهمية احترام وحماية حقوق الإنسان، ولكن من دون أن تخضع للاستفزازات الخارجية، التي تحاول أن تتخذ من هذه القضية وسيلة للضغط السياسي أو الإعلامي لتحقيق أهداف أخرى». ويبدو أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبدالخالق عبدالله أكثر قلقاً على الوضع، إذ يقول: «إن دول الخليج مستهدفة من مؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان في الخارج، لأن ممارساتنا الداخلية غير منسجمة مع تطلعاتها، لبناء الدولة الحديثة العصرية»، مضيفاً: «إن دولنا جميعها ربما تمكّنت من تحقيق الحداثة الاقتصادية إلى درجة، والاجتماعية بنسبة ما، والتكنولوجية أو التقنية بأخرى، ولكنها لم تعطِ بند الحداثة السياسية المؤسسية الدستورية حقها خلال ال30 عاماً الماضية، ما يعني أن المقعد برجل مختلّة وليست ثابتة، ما يفتح المجال لدعوات إصلاح محقّة من الداخل، ولكن هذا أيضاً يعرّض هذه الدول، وهي جزء من هذا العالم لمطالبات وضغوط خارجية، وأحياناً يمكن التعامل معها بحكمة وحنكة، وأحياناً كثيرة لا تستطيع أن تواكب مثل هذه الضغوط، لأنها حقوق مواطنين وحريات وهناك تقارير شهرية وأحياناً سنوية أو دورية، ما يعني أن هذه الدول لم تأخذ المرتكز السياسي في الدولة الحديثة، ومن الممكن تأجيل هذه القضية فترة ولكن لا يمكن أن تتجاهل ملف الإصلاح طويلاً».