في حدث تاريخي وعلمي فريد، وضمن 4500 ظاهرة فلكية شهدتها مصر الفرعونية على مر العصور، تحتفل الأقصر مع شروق شمس اليوم، بتعامدها على الرمز آمون داخل معابد الكرنك الفرعونية الشهيرة. وتوصل إلى هذا الاكتشاف مركز البحوث الأثرية في جمعية المرشدين السياحيين في الأقصر، ويحتفل به للسنة الثانية على التوالي ضمن مساعي سلطات محافظة الأقصر للخروج من أزمة التراجع السياحي التي تعانيها المحافظة منذ ثورة 25 يناير. وتُعقد على هامش الاحتفالية ندوة موسعة حول أسرار الظواهر الفلكية في مصر الفرعونية، والملامح التاريخية لظاهرة تعامد الشمس على المعابد الفرعونية، يحاضر فيها عالم الفلك المصري مسلم شلتوت. وأكد محافظ الأقصر عزت سعد أن الحدث يدل على ريادة قدماء المصريين لعلم الفلك في العالم، مطالباً بتكثيف الجهود لاستغلال تلك الظواهر التي عجز العلماء عن تفسير العديد من أسرارها حتى اليوم في تحقيق مزيد من الجذب السياحي للمواقع الأثرية المصرية. وأوضح أن محافظة الأقصر حريصة على إبراز هذه الأحداث والاحتفال بها ودعوة السياح الى مشاهدتها أملاً في أن يتجاوز القطاع السياحي في المحافظة أزمته الحالية. وقال المدير العام لآثار الأقصر ومصر العليا منصور بريك، إن تعامد الشمس على آمون حدث يوم نقل الشمس وبداية فصل الشتاء لدى المصريين القدماء والذي يوافق 22 من كانون الأول (ديسمبر) في كل سنة، مشيراً إلى أن مدة التعامد تستمر 6 دقائق ثم تنتقل إلى بهو الأعمدة مشكلة علامة «الأخت» الفرعونية بمعنى «الأفق»، في تأكيد لعلاقة آمون بعبادة الشمس. وأضاف أن «ظاهرة تعامد الشمس في معابد الكرنك تناولتها من قبل دراسات أثرية للفرنسيين نيكولا جريمال ولوك جافلود، وهما عالما مصريات عملا لسنوات في معابد الكرنك». وتحتوي المناطق الأثرية المصرية على كثير من المعالم الأثرية التي تؤكد تقدم قدماء المصريين في مجال علوم الفلك، مثل وادي النبطة الواقع شمال غرب أبو سمبل وذي القيمة الفلكية الكبيرة والذي عثر فيه على أول بوصلة حجرية وأقدم ساعة حجرية تحدد اتجاهات السفر وموعد هطول المطر. وترجع البوصلة والساعة إلى 11 ألف سنة، وتشكلان أقدم دليل تاريخي حدَّد بدايات السنة والانقلاب الشمسي والاتجاهات الأربعة، وهما من أعظم الاكتشافات في مصر والعالم، وكشف يزيل الغموض الذي يحيط بظاهرة تعامد الشمس على معبد أبوسمبل ويؤكد امتلاك المصريين القدماء أسرار الفلك باقتدار. وأكد المدير العام لآثار أبوسمبل ومعابد النوبة الدكتور أحمد صالح وجود كثير من الدلائل على اهتمام الفراعنة بالشمس وشروقها وبراعتهم في التقويم. وتعد معابد الكرنك متحفاً مفتوحاً لحضارة قدماء المصريين، كونها تضم خليطاً من الطرز المعمارية المختلفة المشيدة لملوك مصر، من الأسرة الثانية عشرة حتى العصر اليوناني الروماني.