بادر نادي العهد إلى إيقاف ثلاثة لاعبين وموظف على خلفية موضوع المراهنات في كرة القدم اللبنانية الذي شكّل مادة دسمة لجوانب كثيرة تتعلق بعالم اللعبة وتطال "متورطين"، علماً أن مطلعين تساءلوا إن كانت خطوة العهد "الاستباقية" أو "الالتفافية" هي لأقفال ملف من خلال "تقديم ضحايا" علماً أن همساً يدور حول ضلوع إداريين، ومن لم بتعاون في إخراج "لفلفة" للأمور كان أكثر المتضررين. علماً أن السؤال "الكبير" هل ستبادر أندية أخرى على خطوات مماثلة من منطلق أن العهد وضع بتصرفها معطياته وتحقيقاته، باعتبار أن الضلوع في المراهنات ضارب في مشاركات قارية لفرق لبنانية فضلاً عن مباريات دولية للمنتخب الأول ولمنتخبات فئات عمرية، وبالتالي ما هي خطوة اتحاد كرة القدم التالية بعدما أعلن سابقاً عن تشكيل لجنة تحقيق، وطلب من وسائل الإعلام عدم التطرّق إلى أخبار لا تستند إلى وقائع وحتى جلاء الأمور من قبله. أول من أمس صدر أول قرار رسمي حول موضوع المراهنات وجاء من نادي العهد مع إيقاف ثلاثة لاعبين وموظف بعد سلسلة من التحقيقات أجرتها إدارته أخيراً حول تورط بعض لاعبيها في التلاعب في نتائج مباريات آسيوية. والقرار الذي أعلن كان منتظراً منذ الأسبوع الماضي، على الأقل من المتابعين لأحوال كرة القدم اللبنانية والعاملين في أروقتها والقريبين من أصحاب القرار. إتخذت إدارة العهد قراراً هو الأول من نوعه في الكرة اللبنانية من دون أن توضح الأسباب تاركة الساحة أمام المحللين و"المنظرين". وجاء في بيان أصدرته أنه "بتاريخ 18 / 12/ 2012 اجتمعت الهيئة الادارية في نادي العهد بحضور كامل أعضائها وقررت ما يلي: – توقيف اللاعبين: محمود العلي، حسن مزهر، محمد حمود حتى إشعار آخر. – توقيف الموظف الإداري في النادي فادي فنيش. – إتخاذ عقوبات إدارية ومسلكية داخلية بحق مجموعة أخرى من اللاعبين. – تحتفظ الهيئة الإدارية لنادي العهد بحقها في إتخاذ الاجراءات القضائية والقانونية اللازمة تجاه كل من ألحق الأذى المادي والمعنوي بالنادي أمام الجهات المختصة". القصة كما يرويها مطلعون وإعلاميون نشروا جزءاً كبيراً منها في صحف محلية، بدأت مع تصاعد الحديث عن وجود مكاتب مراهنات خارجية استطاعت أن تخترق بعض الفرق اللبنانية، اضافة الى تواطؤ لاعبين في المنتخب في مبارياته ضمن تصفيات كأس العالم، ومنتخب دون 22 سنة في تصفيات كأس آسيا. لكن الحديث بقي في خانة كلام من دون إثباتات، حتى توسّع اتحاد اللعبة في التحقيقات بمساعدة أطراف أخرى قبل أن يقرر تشكيل لجنة تحقيق (لم تشكّل حتى الآن) للتوسع في تحقيقات التلاعب في مباريات المنتخب. لكن التلاعب "الدولي" يُعتبر نقطة في بحر التلاعب على صعيد الأندية التي شاركت في كأس الاتحاد الآسيوي، حيث يؤكّد أحد الأشخاص المتابعين لعمل لجنة التحقيق التي شكلها العهد أن الفرق اللبنانية التي شاركت في آسيا تعرضت للاختراق من العهد إلى الصفاء إلى النجمة والأنصار والمبرة. لكن نادي العهد كان النادي الوحيد الذي تجرّأ وسار في الموضوع حتى النهاية مهما كلّف الأمر، "إنطلاقاً من القيم التي يقوم عليها النادي" كما يقول أحد القيمين عليه والذي يعتبر من الشخصيات الرئيسة فيه. ولا شك في أن ما قام به العهد يُسجل له على صعيد الجرأة والشجاعة بعيداً عن تغليب مصلحة الفريق على الصعيد الفني أو المادي، في حال كانت الأسباب الموجبة لتلك القرارات مؤكّدة. فبالنظر الى هؤلاء اللاعبين من الناحية المادية والمبالغ التي يمكن أن تحصل عليها خزينة النادي في حال بيعهم، يتبيّن أن النادي قد خسر أكثر من 600 ألف دولار خصوصاً أن أحد اللاعبين وهو محمود العلي كان مرشحاً للاحتراف في الخارج بعد إستعادة مستواه نتيجة الاصابة. فالعهد يحصل على 50 في المئة من قيمة احتراف أي لاعب لديه كما حصل مع اللاعب حسن معتوق مع عجمان والشعب الإماراتيين. وفي التفاصيل، شكلت إدارة العهد لجنة تحقيق تضم محمد حيدر ومحمد عاصي وتميم سليمان وناصر زين الدين وعلي زنيط. وقد شمل التحقيق لاعبي الفريق جميعهم حيث اعترف سبعة منهم بتورطهم بالتلاعب مشيرين إلى تورط اللاعبين الثلاثة الآخرين العلي، مزهر وحمود الذين رفضوا هذه الاتهامات نافين أن يكونوا قد تورطوا في هذه القضية لا من قريب ولا من بعيد. وترتكز معلومات لجنة التحقيقات على اعترافات اللاعبين التي هي موثقة بالصوت والصورة لكل لاعب على حدة. ويجري الحديث عن أرقام كبيرة على صعيد الأموال إذ إن أقل لاعب تقاضى 5 إلى 6 آلاف دولار عن كل مباراة وبعضهم من اللاعبين الاحتياط، كما ترتفع المبالغ إلى 8 آلاف دولار وأكثر. "فإذا كان اللاعبون الاحتياط يتقاضون مثل هذه المبالغ فكم يتقاضى اللاعبون الأساسيون الكبار؟" يسال أداري في النادي. واللافت أن لجنة التحقيق العهداوية حصلت على معلومات تتعلق بلاعبين من فرق الأندية الأخرى، ما يضع تلك الأندية أمام حرج عدم الدخول في تحقيقات كما فعل العهد، والإبقاء على سياسة "التطنيش" ووضع الرؤوس في الرمال. ويؤكد إداري كبير في العهد أن النادي سيرسل ما لديه من معلومات إلى اتحاد اللعبة محدداً أسماء الأشخاص المتورطين مباشرة أو بطريقة غير مباشرة "بهدف تنظيف الكرة اللبنانية من الوسخ الذي تعاني منه والذي يحدّ من طموح هذه اللعبة القادرة على التقدّم في حال قام كل ناد بما هو مطلوب منه، والعهد قد بدأ الموضوع من عنده وبادر بعدما إمتلك الوقائع والمستندات". في المقابل، لا تتضمن نصوص نظام التحاد كرة القدم ومواده ما يتعلّق بهذا الموضوع نظراً لكونه يحصل للمرة الأولى، ما يفتح الباب على ضرورة تعديل القوانين وتحديثها. من جهته، إستغرب فادي فنيش القرارات التي إتخذتها إدارة العهد مؤكداً ما قاله للجنة التحقيق من أنه لا يعرف شيئاً عن الموضوع أو هو متورط فيه، كما أنه لا يعرف لماذا اتخذوا مثل هذا القرار خصوصاً أنه غير واضح في ما يتعلّق باللاعبين الآخرين (...). أما المهاجم محمود العلي فقد وضع ما حصل معه في خانة "الافتراء" من قبل بعض اللاعبين مشيراً إلى أنه أبلغ اللجنة بأنه جاهز لمواجهتهم والجلوس مع اللجنة وتحليل المباريات التي قيل أنها مركبة ومنها على سبيل المثال مباراة لبنان والإمارات الودية والتي إنتهت بنتيجة 6 - 2 لصالح الإمارات، فضلاً عن مباريات في كأس الاتحاد الآسيوي و"دورة الصحافيين" في سورية. وأشار إلى أن اللجنة طالبته بالاعتراف في مقابل تخفيف العقوبة عنه "أسوة بباقي اللاعبين الذين كانت أقصى عقوبتهم حسم راتب شهر، لكنني رفضت ذلك وكذلك مزهر وحمود وفنيش لأننا غير مذنبين"، آسفاً أن يُكافأ بهذه الطريقة على رغم كل ما قدمه للنادي. فالعهد فاز بألقابه كلها مع العلي وزملائه، كما كان له بصمة رئيسة في تأهل منتخب لبنان في أدوار تصفيات كأس العالم، وأصيب بالرباط الصليبي في لقاء الإمارات (29 شباط/فبراير الماضي)وهو في طريقه لتوقيع عقد احتراف مع فريق قطري في مقابل 1،2 مليون دولار!