احتشد عشرات الآلاف أمس في ميدان التحرير في وسط القاهرة وأمام قصر الاتحادية الرئاسي في حي مصر الجديدة وأيضاً أمام مقر اللجنة القضائية العليا المشرفة على الاستفتاء القريب من القصر، لرفض مشروع الدستور الجديد الذي وصفوه بأنه «دستور الإخوان»، في إشارة إلى سيطرة جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفائها على الجمعية التأسيسة التي صاغت المشروع الذي جرت المرحلة الأولى من الاستفتاء عليه في 10 محافظات وأظهرت تقدماً طفيفاً للإسلاميين الداعمين للدستور، ومن المقرر أن تجرى المرحلة الثانية في 17 محافظة جديدة السبت المقبل. وهاجم المتظاهرون الانتهاكات التي شهدتها المرحلة الأولى من الاستفتاء والتي أكدت منظمات حقوقية و «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تضم قوى المعارضة الرئيسة أنها شهدت تزويراً على نظاق واسع ارتقى إلى حد «ارتكاب جرائم جنائية» أثرت في النتائج. وخرجت أمس مسيرات من ميدان مصطفى محمود في حي المهندسين وأيضاً من حي شبرا إلى ميدان التحرير، وتحركت مسيرة من أمام مسجدي رابعة العدوية في حي مدينة نصر والنور في العباسية إلى قصر الاتحادية الرئاسي الذي يشهد اعتصاماً رمزياً للمعارضة وسط إجراءات أمنية مكثفة. وانتشرت قوات الحرس الجمهوري في محيط القصر بكثافة ونصبت متاريس من حديد في الشوارع الجانبية المؤدية إليه لمنع تدفق المتظاهرين إليه، كما أعادت نصب جدار خرساني لقطع الطريق في اتجاه القصر بعدما كان المتظاهرون أنزلوا بعضاً من أحجاره في تظاهرات سابقة. وتوجه آلاف المتظاهرين من أمام القصر الجمهوري ليلاً إلى مقر اللجنة المشرفة على الاستفتاء للتنديد بوقائع «التزوير» بعدما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أشرطة مصورة تظهر ما بدا أنه تسويد بطاقات اقتراع وأوراق ومغلفات خاصة بالاستفتاء ملقاة خارج اللجان وأيضاً وجود مسؤولين في حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان» داخل اللجان يساعدون قضاة في فرز البطاقات، فضلاً عن تحرير مئات المحاضر والشكاوى من عدم وجود قضاة في عشرات اللجان وإغلاق بعضها مبكراً وعدم السماح للمواطنين بالاقتراع. وقال عضو الجبهة مؤسس «حركة 6 ابريل – الجبهة الديموقراطية» طارق الخولي ل «الحياة» إن «الحراك الشعبي سيستمر»، مشيراً إلى أن «مطالب المعارضة الأساسية تتركز في إلغاء نتائج المرحلة الأولى من الاستفتاء وأيضاً إرجاء العملية برمتها إلى حين التوافق على الدستور». وأوضح أن «هدف المسيرات فضح التزوير لكل المواطنين ولفت انتباههم إلى أن النظام الجديد بدأ عهده بتزوير إرادة الأمة كما كان يفعل النظام السابق». ورفع المتظاهرون لافتات كبيرة كُتب عليها «دستوركم باطل» و «رئيسكم باطل» و «لو مش عايزها لبنان أو إيران قول لأ لدستور الإخوان». ورددوا هتافات منها: «محمد مرسي باطل» و «دستور إخوان باطل» و «يسقط يسقط حكم المرشد». ودفعت وزارة الصحة بعشرات من سيارات الإسعاف لتأمين التظاهرات وخصصت مستشفيات قريبة من أماكنها لاستقبال الإصابات. وخرجت مسيرة من أمام نقابة الصحافيين في وسط القاهرة إلى مقر حزب الوفد وجريدته تنديداً بالاعتداء الذي تعرض له على أيدي منتمين إلى التيار الإسلامي، وللإعراب عن التضامن مع الحزب ضد هذه الهجمة. وفي المحافظات، خرجت تظاهرات مشابهة خصوصاً في مدينة المحلة الكبرى في محافظة الغربية التي كانت فيها الغلبة لرفض الدستور بنسبة أكبر من 50 في المئة، لكن قوى ثورية عدة اعتبرت أن النتيجة زُورت على اعتبار أن الغالبية الجارفة من أهالي المحلة والغربية ترفض الدستور. وعرض عدد من ناشطي القوى الثورية في الحملة أشرطة وصوراً قالوا إنها من لجان الاقتراع تثبت وجود تدخلات في علمية التصويت. وأعلنت قوى شبابية عدة في محافظات المرحلة الثانية تنظيم مسيرات حاشدة من أجل حض الناخبين على رفض الدستور، في إطار حملة «لا مش دستورنا». وبين هذه القوى أحزاب «الدستور» و «مصر القوية» و «المصري الديموقراطي الاجتماعي» و «مصر الحرية»، إضافة إلى حركات «التيار الشعبي» و «6 أبريل» بجبهتيها و «الاشتراكيين الثوريين». في المقابل، أعلنت قوى إسلامية عدة اعتزامها التظاهر بعد غد في الإسكندرية في ساحة مسجد القائد ابراهيم التي شهدت الجمعة الماضي اشتباكات جُرح فيها العشرات بين أنصار الداعية السلفي أحمد المحلاوي ومواطنين اعترضوا على دعوته إلى التصويت في الاستفتاء بنعم وإهانته رافضي مشروع الدستور خلال خطبة الجمعة. وذكرت قوى إسلامية عدة في بيان أنها ستنظم تظاهرات تحت شعار «الدفاع عن العلماء والمساجد» للرد على «التعدي على مسجد القائد إبراهيم ومحاصرة الشيخ أحمد المحلاوي لأكثر من 14 ساعة داخله». وكانت المعارضة رفضت خروج المحلاوي من المسجد قبل التأكد من إطلاق مصلين احتجزهم أنصار المحلاوي داخل المسجد لاعتراضهم على خطبته. وتشارك في التظاهرات جماعة «الإخوان» وجماعة «الدعوة السلفية» و «الجماعة الإسلامية» وحزب «الأصالة» السلفي.