لا أحد يعشق لغته كما يفعل العرب! لكن هذا العشق لا تصاحبه دوماََ، للأسف، ممارسة كافية للتعبير عن هذا العشق. أقول هذا وقد عاشت اللغة العربية أمس ليلة زفاف جديد في مناسبة (اليوم العالمي للغة العربية) الموافق يوم 18 كانون الأول (ديسمبر) من كل عام، حسب قرار اليونسكو الجديد. ما الذي كان يمكن أن نصنعه للغتنا في حفلة أمس؟ وما الذي يمكن أن نصنعه في حفل السنوات المقبلة بإذن الله؟ عادة ما نردد في مثل هذا السياق أن «السؤال سهل لكن الإجابة عليه صعبة». هذه المرة سأخالف السياق المألوف، وسأقول: السؤال صعب لكن الإجابة عليه سهلة! السؤال صعب، لأننا لم نتفق حتى الآن على مشروعية السؤال ووجاهته والحاجة إليه ومرجعيته المفترضة وتوقيته الملائم. أما الإجابة فهي سهلة، لأنها فقط تكمن في «أن نتكلم». أن نتكلم لغتنا العربية باعتزاز ومن دون استصغار للغتنا وذواتنا وهويتنا، هذا هو أكبر عمل وأقوى فعل يمكن أن نقوم به لخدمة اللغة العربية. ما سوى ذلك من أعمال وأقوال وجهود وبحوث، هي كلها خدمات مكمّلة للفعل الأساسي الذي هو أن «نتكلم». المديح والإطراء الخطابي للغتنا العربية، لا يجدي كثيراََ لا في اكتساب المزيد من الناطقين بغيرها ولا في استرجاع المارقين منها. وقد تكون آثاره عكسية خصوصاََ عندما يتم بناء زخارف المديح للغتنا على ركام النّيل من اللغات الأخرى واستصغارها. لا يروقني كثيراََ ترداد شعار «لغة الضاد» وكأننا أحصينا وفرزنا الستة آلاف لغة في العالم الآن فلم نجد لديها أحرفاً تميزها مثل ميزة الضاد عندنا. وسيكون من المزعج أكثر طبعاََ عندما يردد الخطيب المفوه عبارة «لغة الضاد» في حين ينطقها «ظاد»! المدخل الحقيقي والفعال لرفع مكانة اللغة العربية هو ليس في كثرة مديحها... بل في كثرة استخدامها. هكذا يكون التعبير عن العشق... العشق المباح. نحن في واقعنا الراهن لم نعد بحاجة لامتداح لغتنا عند الناطقين بغيرها، بل لامتداحها عند الناطقين بها المتحدثين بغيرها! توضيحاً من مكتب الأمير الحسن بن طلال لما جاء في مقالة (القدس والأعداء الجدد) للكاتب زياد الدريس * كاتب سعودي [email protected] Twitter | @ziadaldrees