جاءتني نكتة قبل أيام من أحد الأصدقاء تقول: "إن رجلاً من إحدى الجنسيات العربية سئل من قبل مذيع: ما رأيك بالحج هذه السنة؟ انطلق الرجل مادحاً حتى أنه بالغ كثيراً وقال: من يريد الحج أنصحه أن يذهب إلى السعودية"! هذه اللغة الظريفة أو النكتة تعكس واقع التغطيات للمناسبات الوطنية أو السياحية لدينا، إذ درجت العادة على ان نزجي المدائح وقصائد الثناء الكاذب أحياناً، بينما لا نستطيع أن نعيش النقد لتنظيم المناسبات وترتيبها، ولهذا يخاف السائح من التفكير في أن يبدي رأيه في تنظيم ما، ربما سيراً على القاعدة: "يا غريب كن أديب"، مع أنني أتحفظ على هذه العبارة الفوقية. لو أخذنا طريقة التغطيات للمناسبات الدينية ومن بينها الحج لوجدنا أنها تعاني من ضعف التطور، نفس الأساليب والأسئلة تتكرر مع تغير الوجوه، حتى بعض الشباب الذين دخلوا إلى هذا المضمار، يهابون النقد أو التجديد. يمكن للحج أن يكون مناسبة وطنية إعلامية في الحقيقة، وألا يكون مجرد مشهد تغطيه وسائل الإعلام وتفرح به وتبتهج به وتصفّق له. الحج كل سنة يكون فيه أخطاء كأي جهد بشري والمنظّمين ليسوا بكاملين، مع عظمة جهودهم، فهم بشر ممن خلق، والذين يخافون النقد هم الجبناء المرتعدون خوفاً من أي رأي يبدونه أو يتفوّهون به. لهذا أتمنى على إخواني في أي وسيلة إعلامية البحث الجدي في سبل تجديد التغطيات الإعلامية للحج أو غير الحج. مما يثير النقد أن نبقى طوال تغطيات الحج على مدى العقود الماضية أسارى تعابير هي نفسها لم تتجدد، مع أن اللغة العربية قوية وغنية وفيها مفردات جذابة ومتجددة وملهمة، يمكن للنصوص التي تتزامن مع التغطيات أن تكون متطورة تبعاً لتطور اللغة وتجددها وغناها وفضائها المريح والسهل والممتع. اللغة بمجملها والعربية بخاصة، أكبر من أي "كليشات" إعلامية، بل ميزتها أنها كائن متطور، هذا خلافاً لغناها وثرائها بالأساس. بآخر السطر؛ فإن الجمود الذي تعاني منه بعض التغطيات نتيجة جمود أعم يمس الثقافة والفكر وأساليب التداول الخبري، وطرق التناول الصحافي أو الإعلامي، وبالفعل نحتاج إلى ثورة داخل أساليب الإعلام لننقلب عليها ونجددها ونغيرها ونطورها، وما ذلك بالأمر الصعب في لغة ثرية مثل لغتنا العربية.