طلب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون من مجلس الامن التجديد سنة لقوات «يونيفيل» في جنوب لبنان، معتبرا حادث خربة سلم «انتهاكا خطيرا» للقرار الدولي الرقم 1701، فيما أطلقت عودة الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية زعيم «تيار االمستقبل» سعد الحريري الى بيروت فجر أمس سلسلة اتصالات سعياً الى معالجة تداعيات موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بإعلانه ان تحالف قوى 14 آذار لن يستمر، وحل العقد التي تواجه عملية التشكيل، خصوصا مطالب زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون بالحصول على 5 حقائب واحدة منها سيادية هي الداخلية، فضلاً عن 4 وزراء موارنة ووزير أرمني، وإسناد حقيبة لوزير الاتصالات الحالي جبران باسيل. وإذ افتتح الحريري نشاطه نهار أمس بلقاءات مع نواب من «تيار المستقبل» ثم مع عضوي الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائبين السابقين سمير فرنجية وفارس سعيد، ثم باجتماع مع وزير الأشغال العامة عضو قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي غازي العريضي، بعد الظهر، فإن الانطباع الذي خرج به الذين التقوا الحريري هو انه سيكثف اتصالاته من أجل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وفق ما سبق ان أعلن وأنه مدرك للصعوبات التي تواجهه في هذه المهمة. وتلقى الحريري اتصالاً من الرئيس نيكولا ساركوزي الذي اكد له دعمه. وتحادث هاتفياً مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الاعمال فؤاد السنيورة. وقالت مصادر مطلعة ان لا بد من ان تتأسس الجولة الجديدة من الاتصالات حول تأليف الحكومة على توضيح موقف جنبلاط الذي أحدث تداعيات كبيرة على صعيد وضع الأكثرية وعلاقة أطراف قوى 14 آذار به، لجهة معرفة ما اذا كان اتخذ قراره النهائي بالخروج من قوى 14 آذار ام انه ما زال في إطار هذا التحالف، خصوصاً ان الحريري كان أعلن انه متمسك بتحالفه مع قوى 14 آذار ولن يتخلى عن شعار «لبنان اولاً» الذي انتقده جنبلاط. وإذ رأى المراقبون في لقاء العريضي مع الحريري تحضيراً للقاء بين الأخير وجنبلاط، فإن المصادر التي واكبت التأزم الذي حصل بين الرجلين، اعتبرت ان الرئيس المكلف لا بد من ان يسعى الى توضيح ما هو متفق عليه والمواضيع المختلف عليها مع جنبلاط، لوضع أسس جديدة للتعاون بينهما، في التعاطي مع الواقعين المحلي والإقليمي، خصوصاً ان مغادرة جنبلاط قوى 14 آذار تخلط الأوراق وبالتالي الأصوات داخل الحكومة. وحاذر جنبلاط أمس الدخول في سجال سياسي مع عدد من قوى 14 آذار التي ردت على مواقفه الأخيرة وحذر من ان التهديدات الإسرائيلية المتواصلة «تذكرنا بالظروف التي سبقت الاجتياح الإسرائيلي العام 1982»، داعياً الى تكثيف الطاقات لتأليف الحكومة ورص الصفوف لمواجهة أي اعتداءات إسرائيلية. وفيما تتوقع أوساط عدة ان يسعى الحريري الى تعطيل أي محاولة للإفادة من تداعيات موقف جنبلاط من قبل خصومه، من اجل التأثير على تحالفه مع قوى 14 آذار في عملية تشكيل الحكومة، فإن المصادر المواكبة لعملية تأليف الحكومة تتوقع ان يبقى متمسكاً بموقفه رفض توزير الراسبين في الانتخابات، رداً على مطلب العماد عون توزير باسيل، نظراً الى اتفاقه مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان على هذا المبدأ. في موازاة ذلك، واصلت قوى المعارضة التشديد على عدم المس بصيغة الحكومة التي اتفق عليها قبل الصدمة التي أحدثها جنبلاط وهي 15 وزيراً لقوى 14 آذار بمن فيهم وزراء جنبلاط و 10 للمعارضة و5 لرئيس الجمهورية. وقال نائب الأمين العام ل «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، في احتفال أقامه «حزب الله» في مشغرة: «الى الآن من وجهة نظرنا لن يتغير شيء، صحيح هناك من امتلك الجرأة وأعلن تحوله الى شعارات جديدة... لكن ليس عندنا شيء لننتهز الفرص حتى نعدل ما اتفقنا عليه... نحن نعتبر أن الصيغة الحكومية التي اتفقنا عليها تعبر عن التوازن السياسي ولم يطرأ ما يستدعي تغييرها أو تعديلها وندعو إلى إنجاز توزيع الحقائب والتسميات بأسرع وقت ممكن وعلى المتضررين من المواقف السياسية الأخيرة ان يحلوا مشاكلهم خارج التشكيلة الحكومية»، وفي المقابل، جدد المكتب السياسي لحزب «الكتائب» دعمه الحريري في تأليف الحكومة ودعاه الى الإسراع في إعلان تشكيلة «كما يراها مناسبة ووضع الجميع امام مسؤولياتهم». واتهم المعارضة بوضع العراقيل والشروط امام الرئيس المكلف للإجهاز على الواقع الذي أفرزته الانتخابات النيابية. بان و «يونيفيل» وفي نيويورك، أوصى الأمين العام للامم المتحدة مجلس الأمن بتمديد ولاية «يونيفل» سنة اضافية حتى 31 آب (اغسطس) 2010. لافتاً الى طلب رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة تمديد الولاية «من دون ادخال تعديل عليها». وقال بان، في رسالة مجلس الأمن ان إدارة عمليات حفظ السلام ستقوم «بتقويم هيكل القوة وأصولها وحاجاتها خلال الشهور المقبلة مع التشديد على جانب القدرات، وذلك سعياً الى ضمان الفعالية التشغيلية باستمرار»، بما في ذلك القوة البحرية. واعتبر بان ان «يونيفل» شكلت «عامل ردع قوي لاستئناف الأعمال العدائية». لكنه قال: «إلى أن يترسخ وقف الأعمال العدائية بوقف دائم لإطلاق النار، سيظل الهدوء الذي يشهده حالياً جنوب لبنان هشاً». وجاءت رسالة بان الحاقاً بتقريره الاخير حول تنفيذ القرار 1701، وقال انه منذ صدور تقريره «اكتشف وقوع انتهاك جسيم في 14 تموز (يوليو) الماضي على مقربة من بلدة خربة سلم، وتشير الاستنتاجات الأولية للتحريات التي اجرتها القوة بالتنسيق مع القوات اللبنانية المسلحة الى ان الانفجارات تسبب فيها تفجير الذخيرة التي كانت توجد في مبنى خزنت فيه كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة. وحتى الآن، لا وجود لاي دليل يشير الى ان الأسلحة والذخيرة الموجودة في المبنى قد هُربت الى منطقة عمليات القوة منذ اتخاذ القرار 1701 العام 2006. ولا تزال التحريات جارية في الموضوع». وذكر ان «ثمة عددا من المؤشرات توحي بأن المستودع كان تحت سيطرة حزب الله، وخلافاً للحالات السابقة التي اكتشفت فيها القوة والقوات المسلحة اللبنانية أسلحة وذخيرة، لم يكن المستودع مهجوراً، بل كان محل تعهد مستمر. وأحيطت القوة علماً بأن بعض الأفراد الذين كانوا في موقع الانفجارات في 15 تموز (يوليو) هم عناصر تنتمي الى حزب الله». واعتبر بان أن «وجود الأصول أو الأسلحة غير المأذون به هذا في المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني يشكل انتهاكاً واضحاً لقرار مجلس الأمن 1701 ويبرز الحادث أهمية تكثيف جهود القوات المسلحة اللبنانية، بمساعدة من يونيفيل من أجل العثور على اٍلاسلحة والمعدات المتصلة بها التي يحتمل أنها لا تزال موجودة في منطقة العمليات وإزالتها، وضمان خلو المنطقة من أي عناصر مسلحة، ومنع تهريب الأسلحة المحتمل عبر نهر الليطاني». وأعرب بان عن «القلق إزاء محاولات عرقلة حرية حركة القوة»، وقال: «يجب على السلطات اللبنانية ضمان حرية حركة القوة بشكل تام داخل منطقة عملياتها»، مشيراً الى «قيام مدنيين في 15 و18 الشهر الماضي بمحاولات عرقلة حرية حركة يونيفيل في أعقاب الانفجارات». وأكد أن «السلطات اللبنانية مسؤولة في المقام الأول على ضمان خلو المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني من أي وجود غير مأذون به لأفراد مسلحة أو أصول أو أسلحة». وأشار بان الى أن الجيش الاسرائيلي يواصل «احتلال جزء من قرية عجز ومنطقة متاخمة شمال الخط الأزرق في انتهاك للقرار 1701». وقال: «يجب على اسرائيل أن تسحب جيش الدفاع الاسرائيلي من المنطقة ويجب ايضاً على اسرائيل وقف انتهاكاتها الجوية التي تسهم في التوتر وتتواصل من دون انقطاع». وأضاف: «وفضلاً عن ذلك، ينبغي وضع حد لانتهاكات الخط الأزرق براً، ويمكن تخفيض حالات عبور الخط الأزرق سهواً بالتعجيل باحراز التقدم في رسم الخط الأزرق بعلامات واضحة».