هاجم عشرات الأقباط في محافظة المنيا قسماً للشرطة، احتجاجاً على اختفاء امرأة يعتقد بأنها اختطفت، ما عكس احتدام الغضب الذي يعتري الأقباط، خصوصاً في صعيد مصر، إزاء استمرار الاعتداءات التي يتعرضون لها منذ إنهاء حكم جماعة «الإخوان المسلمين». وتعرض الأقباط لسلسة من الاعتداءات على منازلهم وكنائسهم عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، كان أعنفها في المنيا التي شهدت حرق ونهب عشرات الكنائس والمنشآت القبطية. ووفقاً لناشطين، فإن نحو 293 قبطياً -معظمهم في المنيا- تعرضوا للخطف منذ منتصف العام الماضي ولم يطلق سراحهم إلا بعد دفع فدى قُدرت في مجملها بنحو 17 مليون جنيه. ويحمّل الأقباط الأجهزة الأمنية مسؤولية «العجز عن حمايتهم». وكانت أجهزة الأمن أعلنت أمس توقيف 12 قبطياً لاعتدائهم على نقطة شرطة قرية جبل الطير في محافظة المنيا احتجاجاً على اختفاء ربة منزل قبطية. وأوضحت مصادر أمنية أن الاعتداء «أسفر عن تهشم واجهات النقطة وسيارتي شرطة وسيارة تابعة للحماية المدنية». وكانت وتيرة حوادث خطف الأقباط ارتفعت خلال الأشهر الماضية، لاسيما في صعيد مصر، ما أعاد إلى الأذهان استهدافهم في تسعينيات القرن الماضي من «الجماعة الإسلامية»، قبل أن تعلن «المراجعات». وقال الحقوقي القبطي المحامي نجيب جبرائيل إن «239 قبطياً تعرضوا للخطف خلال السنة الماضية، منهم 139 في المنيا، والباقي في محافظاتأسيوط وسوهاج وقنا وشمال سيناء» التي يزدهر فيها نشاط المسلحين. لكنه لفت إلى أن «حالات الخطف طاولت القاهرة ودلتا النيل، إذ خُطف قبطي يدعى أبانوب يقطن في حي شبرا (شمال القاهرة)، وطبيب عيون في مدينة بلبيس» التابعة لمحافظة الشرقية (دلتا النيل). وأوضح أن «حالات الخطف تتركز على الأقباط الذين يمتعون بالثراء، إذ ينقسمون بين أطباء وصيادلة ورجال أعمال متوسطين، إما تجار أخشاب أو تجار سلع غذائية بالجملة»، مشيراً إلى أن ما تم دفعه من فدى لتحرير المخطوفين بلغ 17 مليوناً، فيما «لم تحرك أجهزة الأمن ساكناً إلا في شبرا وبلبيس، ولم يتم تحرير رهينة واحدة في الصعيد». وأضاف: «أن آخر حالة تم تحريرها كان الدكتور وديع رمسيس في مدينة العريش (شمال سيناء) بعد دفع مليون ونصف المليون إثر مساومات خفضت المبلغ من 10 ملايين جنيه طلبها الخاطفون». ورأى أن المسؤول عن عمليات خطف «مجرمين وجماعات إسلامية يعتمدون على الغنائم من الأقباط لتدبير التمويل لتحركاتهم بعد تقويض نشاطهم من قبل الأجهزة الأمنية... هؤلاء يستغلون ضعف الشرطة وأن المخطوفين من الأقباط ضعاف الحيلة الذين لا يستطيعون التعبير عن غضبهم وثورتهم». ولفت إلى «ظاهرة الاعتداء على أراضي أقباط وبيوتهم في الصعيد أيضاً»، لافتاً إلى أن «الشهور الماضية شهدت بين 10 و15 حالة تعد على أراضٍ أو منازل هاجر أصحابها إلى الخارج، ويقدر ثمنها بملايين الجنيهات». ورأى أن الأقباط في مصر «لا يزالون يدفعون الثمن، والحكومة عاجزة عن حمايتهم». وحذر من «أن يعود الشعور بالإحباط إلى أقباط مصر بعد تقديم أكبر فاتورة، ما قد يتولد عنه من انفجار». وانتقد تأخر الحكومة في تنفيذ وعدها بترميم المنشآت القبطية التي تعرضت لاعتداءات عقب عزل مرسي، مشيراً إلى أنه «من بين 102 منشأة في محافظاتالمنيا وسوهاج وأسيوط، لم تفعل الحكومة شيئاً سوى الشروع في ترميم ثلاث كنائس بسبب تعقيدات المحافظين. المشكلة ليست في بناء الكنيسة ولكن في الشعور بالمواطنة». غير أن القيادي السابق في «الجماعة الإسلامية» ناجح إبراهيم استبعد مسؤولية تنظيمات إسلامية عن استهداف الأقباط مثلما كان يحدث في تسعينيات القرن الماضي، متهماً «بلطجية يحللون تحقيق أغراضهم برفع شعارات إسلامية ويبررون لأنفسهم أفعالهم باسم الدين». وأشار إلى أن «هذه الظاهرة بدأت بعد نحو 8 أشهر من الثورة عندما زاد الاستقطاب السياسي في ظل التعديلات الدستورية، قبل أن تخفت، لكنها عاودت الظهور بقوه بعد عزل مرسي، بعد شعور لدى بعضهم بأن الأقباط كانوا طرفاً فاعلاً في (تظاهرات) 30 حزيران (يونيو)» 2013. وقال ل «الحياة» إن «هذه الأعمال غير ممنهجة. البلطجية في مصر باتوا يرتدون ثوب السياسية ويرفعون شعارات إسلامية من أجل تحقيق أغراضهم، بعد الثورة حاول البلطجية غسل سوءاتهم برفع شعارات الدين والثورة». وعزا تركز تلك الحوادث في الصعيد إلى «انتشار السلاح ووجود العائلات القبطية الغنية، وفي الوقت نفسه ضعف الشرطة... الاحتقان الطائفي متركز في صعيد مصر الذي يعاني من تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية».