شكلت الأفلام الأميركية والمسلسلات المصرية غالبية الصورة الذهنية عن الحياة داخل السجون لدى الكثيرين. طريقة حياة السجناء في إصلاحية الحائر تبتعد في أحيان عن الصورة الذهنية وتقترب في جوانب أخرى. وبينما اعتاد الناس على مشاهدة السجناء يلعبون كرة السلة في الأفلام الأميركية، يتسابق السجناء في إصلاحية الحائر على بطولات رياضية، وتتنافس فرق العنابر على حصد لقب بطولة «دوري كرة القدم» داخلي. وكان لافتاً أن أحد العنابر التي دخلتها «الحياة» كان مرصعاً بعدد كبير من الكؤوس، ليتبين أن الفريق المكون من نزلاء العنبر يسيطر منذ فترة على بطولات السجن الرياضية. ويعزو عريف العنبر (م.م.ن) هذه السيطرة إلى «تقارب أعمار نزلائه، ووجود نوع من التفاهم»، ويضيف: «لدينا مسابقات رياضية وثقافية نقضي وقتنا فيها، وحصدنا معظم الجوائز الرياضية في الإصلاحية»، مشيراً إلى وجود أنشطة ثقافية أيضاً «كما أن إدارة الإصلاحية تنظم زيارات لبعض المشايخ، فمنهم من يكون مؤثراً، بينما يأتي بعضهم ويذهب من دون أن نستفيد منه شيئاً». ويتابع: «تأقلمنا على هذه الحياة داخل السجن بالعمل الذي نستطيع من خلاله قضاء الوقت في شيء مفيد... بعضنا تميز في الرياضة، والآخر في الأنشطة الثقافية والدينية»، منوهاً إلى أن من بين النزلاء من يمتلك عبقرية مميزة في علوم الكومبيوتر. وبين لعب «البلوت» وقراءة وحفظ القرآن ومشاهدة التلفزيون يقضي السجين (خ.و.ه) وقته، يقول: «أمضي معظم وقتي في لعب البلوت، وننظم دورياً رسمياً لها، يشترك فيه عدد كبير من النزلاء، فقسمنا وقتنا بين اللعب وقراءة القرآن ومشاهدة التلفزيون، وبخاصة وقت المباريات الرياضية». ويضيف: «الأعمال التي نقوم بها تبيّن مدى الأثر الذي يمكن أن تحدثه فترة عقوبة السجن في سلوك النزيل». في حين ينفي السجين (ف.ق.خ) وجود ما يشبه الشللية داخل السجن، أو سيطرة «زعيم» على كل عنبر، مشيراً إلى أن الوضع لا يشبه أبداً ما تصوره المسلسلات المصرية «فالجميع في محنة واحدة، ونواسي بعضنا بعضاً». أما السجين الملقب ب «أبوهقشة» فابتعد عن كل ما يشغل به النزلاء وقتهم، وتفرغ لحفظ القرآن الكريم، يقول: «القرآن الكريم خير جليس لي في السجن؛ فلا يفارقني»، موضحاً أن الكثير من النزلاء مواظبون على الصلاة، إلى جانب أن بعضهم حفظ القرآن كاملاً. بانطوائه على نفسه قرر (خ.ق.م) الجلوس في زاوية أحد العنابر وحيداً لا يكلم أحداً، معلناً ندمه على ما فعل، وروى ل «الحياة» بعد عناء حكايته: «في المرة الأولى التي أقوم فيها بسرقة سيارة، قبض عليَّ». ويستدرك قائلاً: «هذا من حسن حظي؛ أني أودعت في السجن من المرة الأولى، حتى لا أتمادى وأتعود على سرقة السيارات وتكون العقوبة كبيرة». ويضيف: «فضلت الانطوائية والاختلاء بنفسي حتى لا يؤثر فيّ أصحاب السوابق، وأنا وبسبب أصدقاء السوء قمت بجرمي وأستحق العقاب، وقضيت حتى الآن في السجن عامين، مضيا من عمري بفعل عمل متهور مني».