«إنه الدرس الأخير في حياتي غالباً، ولا أعلم إن كنت سأستطيع الاستفادة منه أم أن العمر لن يمهلني»، هذه خلاصة ما يشعر به السجين (م.س.ع) الذي لامس عمره ال70، ويقضي عقوبة السجن 15 عاماً، بسبب إدمان «شرب الكولونيا». لكن ندم السجين ال«سبعيني» مختلف عن سواه، فهو لم يلدغ من جحر مرتين، ولا ثلاث مرات، بل يملك 17 سابقة في شرب «الكولونيا» بغرض «السُكر»، إلا أن أكثر ما يشعره بالندم أن آخر زجاجة كولونيا شربها كلفته «10 ريالات و15 عاماً من السجن»! ويحاول (م.س.ع) الآن تعويض ما ضيعه من حياته ثملاً، يقول: «أنا أشتري السجن لنفسي، ولم أتزوج طوال حياتي، ونادم على ما فعلته.. ضيعت عمري في المسكرات التي دمرتني وجعلتني رجلاً غير سوي، وعبئاً على المجتمع»، مشيراً إلى أنه يقضي وقته في قراءة القران الكريم والصلاة. (م.س.ع) ليس وحده، فإلى جانبه يقضي العقوبة نفسها نزيلان آخران للسبب ذاته، بعدد سوابق لكل منهما لا تقل عن 12 سابقة، متشابهان معه في مدة العقوبة، ومقاربان له في السن، كما أنهما نادمان على ضياع عمرهما في شرب الكولونيا. يقول أحدهما وهو السجين (ع. ر. ش): «قضيتي سكر ودهس، ومدة عقوبتي 15 عاماً، وعمري 71 عاماً، ومضى من محكوميتي 11 عاماً ولدي أطفال، شربت الكولونيا وذهبت خارج نطاق العمران ليلاً، ودهست رجلاً لم أره». ويضيف: «لي زيارة كل شهر من عائلتي، وأنا بعد هذا العمر الذي قضيته في المعاصي تائب لوجه الله، لا أملك الشدة في جسمي وأصبحت هزيلاً، ولا أدري هل أستطيع مشاهدة أطفالي أو أموت في السجن»، مؤكداً أن السجن يوفر له كل ما يريده. ويتابع: «كنت أبيع في سوق الخضار، وأكسب جيداً بين 6 و7 آلاف ريال شهرياً، ولكن كنت أصرفها في الطريق غير الصحيح». ويوجه نصيحة لمن سيقرأ قصته: «بعد هذا العمر كله، أنصح الجميع بعدم اتباع الهوى والخضوع للشيطان الذي أغواني كثيراً». ثالثهما يلقب داخل السجن ب«الهيئة»، فالسجين ( س.س.خ - 71 عاماً)، والمحكوم عليه أيضاً ب 15 عاماً، وألف جلدة، وغرامة 10 آلاف ريال، أطلق عليه هذا اللقب، كونه يوقظ السجناء إلى صلاة الفجر، ويحث على الالتزام بها». يحكي السجين الذي قضى 11 عاماً من محكوميته قصته ل«الحياة»، ويقول: «لي من الأحفاد 34، وكنت أشرب الكولونيا بجوار المحكمة الكبرى في الرياض، وقبض علي في حالة سكر، ولدي 11 سابقة سكر». ويضيف: «لم يزرني أحد من أهلي طوال سجني، فأنا منقطع عن العالم هنا، بسبب شر أعمالي».