فجّر قرار النائب العام الجديد طلعت عبدالله نقل المحامي العام لنيابات شرق القاهرة الكلية مصطفى خاطر إلى محافظة بني سويف أزمة داخل النيابة العامة، خصوصاً أن نيابة مصر الجديدة، التي اصدر محققوها قراراً بإطلاق متظاهرين في أحداث الاشتباكات التي شهدها محيط قصر الاتحادية الرئاسي تتبع دائرة عمل خاطر. وكان المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين» محمد بديع انتقد علناً في مؤتمر صحافي قرار إطلاق المتظاهرين الذين كان عناصر جماعته الذين هاجموا المعتصمين «احتجزوهم» أمام قصر الرئاسة، وطلب من النائب العام إصدار أوامره للقبض عليهم وإعادة التحقيقات معهم. إلا أن فريق المحققين أبلغ النائب العام بأن المتهمين جميعاً تم توقيفهم من قبل أعضاء جماعة «الإخوان» خلال الاشتباكات الدامية التي اندلعت الأسبوع الماضي في محيط القصر، وهو أمر يتنافى مع القانون إذ أن الشرطة هي الجهة المخولة توقيف المواطنين. وكان محققو النيابة أطلقوا 137 متهماً وأمروا بحبس 4 آخرين لحيازتهم أسلحة نارية على خلفية الأحداث، لكن محكمة الجنح المستأنفة قررت في جلسة عاجلة أمس إطلاقهم جميعاً. وفوجئت الأوساط القضائية أمس بقرار النائب العام الجديد إنهاء ندب خاطر في القاهرة، ونقله للعمل محامياً عاماً لنيابات استئناف بني سويف، خصوصاً أن خاطر هو من تولى الإشراف المباشر على تحقيقات اشتباكات الاتحادية، واتخذ بنفسه قرار إطلاق المتهمين. وجاء في مذكرة النقل التي أرسلها النائب العام أن القرار اتخذ «لمصلحة العمل»، وأتبعه بتكليف المحامي العام في إدارة تفتيش النيابات أحمد جمال الدين بتولي منصب المحامي العام لنيابات شرق القاهرة الكلية. وخاطر هو أحد أبرز قيادات النيابة العامة في السنوات الماضية، وشارك في التحقيق في عدد من القضايا المهمة آخرها قضية قتل المتظاهرين السلميين أثناء «ثورة 25 يناير» التي حكم فيها بمعاقبة الرئيس المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي بالسجن المؤبد. كما تولى التحقيق في قضية قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم التي صدر فيها حكم نهائي بمعاقبة رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى بالسجن المشدد لمدة 15 عاماً وضابط الشرطة السابق محسن السكري بالسجن المؤبد. وفور علمه بالنبأ، قدم خاطر مذكرة إلى مجلس القضاء الأعلى طلب فيها العودة إلى منصة القضاء، وإنهاء انتدابه في النيابة العامة، وهو طلب تكرر أخيراً من أعضاء في النيابة العامة بعد تعيين عبدالله نائباً عاماً بقرار من الرئيس. وبدا أن قرار نقل خاطر أثار غضبة أعضاء النيابة العامة، فتقدم أيضاً أمس رئيس نيابة مصر الجديدة إبراهيم صالح بمذكرة إلى مجلس القضاء الأعلى طلب فيها العودة إلى منصة القضاء وترك العمل في النيابة العامة، تضامناً مع رئيسه المنقول. وتولى صالح رئاسة فريق مكون من 40 محققاً استجوب المتظاهرين في أحداث الاشتباكات التي شهدها محيط القصر. وقال عضو مجلس إدارة «نادي قضاة مصر» محمد عبده صالح ل «الحياة» إن أعضاء مجلس إدارة النادي يتدارسون سبل الرد على قرار النائب العام، موضحاً أنه يحق للنائب العام نقل محامي العموم «لكن لم تجر العادة أن يتم النقل أثناء العام القضائي، فالتنقلات تتم بداية من تشرين الأول(أكتوبر)»، لافتاً إلى «ما أُثير عن علاقة القرار بإشراف المستشار خاطر على تحقيقات اشتباكات الاتحادية». وأوضح أن أعضاء النيابة العامة طلبوا عقد اجتماع عاجل اليوم في مقر نادي القضاة، سيحضره أعضاء من النادي للتداول في الأمر. وكان لافتاً أن حكم قاض من «تيار استقلال القضاء» في محكمة جنح الأزبكية أول من أمس برفض دعوى مقامة أمامها «لرفعها من غير ذي صفة»، في إشارة إلى النيابة العامة. واعتبرت المحكمة في حيثيات حكمها أن «النيابة العامة مثلت تمثيلاً غير صحيح لكون عضو النيابة الذي حرك الدعوى لم يستمد سلطته الشرعية من نائب عام شرعي تم تعيينه تعييناً صحيحاً، وبالتالي لا يكون توجيه الاتهام بموجب التكليف صحيحاً». ووزع أعضاء في النيابة العامة أمس بياناً في دار القضاء العالي جددوا فيه رفضهم للإعلان الدستوري الأخير الذي اصدره الرئيس محمد مرسي، مطالبين النائب العام الجديد بترك منصبه، «احتراماً للقضاء والقضاة والشرعية والقانون». واعتبروا أن تعيين عبدالله نائباً عاماً «جاء بقرار باطل»، محملين مجلس القضاء الأعلى مسؤولية قبول «تلك الاعتداءات».