فاجأت زيارة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني كركوك، وتفقده قوات «البشمركة» المحتشدة في المحافظة، وقد أعادت الزيارة الخلافات بين الحكومة الاتحادية والإقليم إلى نقطة الصفر، بعدما توصل الطرفان إلى اتفاق على سحب القوات المستقدمة إلى المنطقة، وإيكال الأمن إلى قوات محلية. واعتبر ائتلاف «دولة القانون»، بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، الزيارة «خطوة استفزازية». وكان بارزاني تفقد ظهر أمس قوات «البشمركة» الكردية المنتشرة على الحدود الشمالية لكركوك، من دون أن يدخل المدينة المتنازع عليها، وذلك بعد يومين من تفقد نجله منصور هذه القوات أيضاً. وقال بارزاني لعدد من أفراد «البشمركة» على هامش الزيارة أمس: «انتم اليوم تتحملون مهام مقدسة، لأنكم تحمون مستقبل شعب كردستان الذي قدم تضحيات كبيرة للوصول إلى هذا اليوم». وأوضح:»منذ انتفاضة عام 1991 وتحرير معظم مناطق إقليم كردستان لم تقم قوات البشمركة بأي تعامل سيء مع الجيش العراقي، وكان للأكراد دور ملحوظ في بناء الحكومة الجديدة في العراق بعد عام 2003». وأكد أن «قبول الأكراد بالمادة 140 لا يدل على شكوك في كردستانية كركوك والمناطق المستقطعة الأخرى (المتنازع عليها)، بل كان من أجل معالجة المشاكل عن طريق الدستور، لكن مع الأسف بعض الأطراف يتهرب من تطبيق هذا الدستور». لكن عضو «ائتلاف دولة القانون» سعد المطلبي القريب من رئيس الحكومة اعتبر ان «زيارة بارزاني خطوة استفزازية، في وقت تبذل الجهود للتهدئة وعدم التصعيد»، وأوضح أن «هناك وفوداً فنية وعسكرية من الجانبين تستعد للتفاوض وتسوية الخلاف». ولفت في تصريح إلى «الحياة» إلى أن «البيان الصادر عن حكومة إقليم كردستان لا يخدم الجهود المبذولة للتهدئة ويشير إلى رغبة في التصعيد». وكانت حكومة إقليم كردستان شنت في بيان مساء أول من أمس هجوماً عنيفاً على المالكي، رداً على تصريحاته أمام وفد إعلامي كويتي، واتهمته ب «تسميم الأجواء» في البلاد، خصوصاً بين العرب والأكراد، وأضافت: «لو كان لدى المالكي الشعور بالمسؤولية الوطنية لاستقال، بسبب أوضاع البلاد المزرية والفساد المستشري في مكتبه والأزمات التي يخلقها من شمال العراق إلى جنوبه». واتهم البيان رئيس الحكومة «بتبديد أكثر من ستمئة بليون دولار من الموازنة وتحول البلاد بفضل صولاتك إلى أكثر البلدان فساداً في العالم (...) وشكلتم جيشاً مليونياً وأكثر، وما زال الأمن مفقوداً في كل أنحاء العراق، خارج إقليم كردستان، ثم أنكم لم تعينوا قائد فرقة واحدة في الجيش بموافقة البرلمان». وكان المالكي قال لوفد إعلامي كويتي إن «موضوع الأكراد قضية داخلية تتعلق بمسعاهم لتأسيس دولة، ولكن دولة تريد أن تعيش على دولة هذا أمر ليس بصحيح». وأضاف: «قلنا للأكراد إذا حصل القتال هذه المرة سيصبح قتالاً عربياً كردياً، لأن المناطق المختلطة هي في الأصل مناطق عربية وتركمانية، وإذا تفجر القتال لن نصل إلى نتيجة، وفيها تركمان وعرب لن يقفوا مكتوفي الأيدي»، ولفت إلى أن من «حق الجيش العراقي أن يدخل إلى أربيل ويجلس أمامك»، في إشارة إلى رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني. وتأتي هذه التصريحات في وقت يواصل رئيس الجمهورية جلال طالباني جهوده لتهدئة الأزمة، وقد أعلن بعد لقاء نائبه خضير الخزاعي أمس الاتفاق على مواصلة العمل من أجل تقريب وجهات النظر والسعي للوصول إلى نقاط تفاهم باعتماد مبادئ الدستور والاتفاقات الوطنية.