يتباهى متحف اسطنبول الحديث، بضمه مجموعة واسعة من الأعمال الفنية المعاصرة، وببنائه المميز الذي تصل مساحته إلى 8000 متر مربع متخذاً من شواطئ مضيق البوسفور، موقعاً له. وإذا كان سحر الإطلالة على البوسفور، يبهر الزوار، فإن ما تخبئه صالات المتحف أعظم. 19 كرسياً و19 حقيبة سفر، و30 عدسة مكبرة، موجهة بوضعيات تجعلها كأنها تنادي على المارة قائلة: «قرّب نفسك إلي»، لذلك لا يستطيع المار بجانب عمل الفنانة التركية handan börüteçene تجاهل تحفتها الفنية المنجزة عام 2007، والتي أطلقت عليها اسم،Bring yourself to me. فلا بد من الوقوف مطولاً للنظر من خلال عدسات الفنانة هاندان التي أرادت من توجهها إلى خامة حقائب السفر، أن تدعونا إلى النظر عن كثب نحو الآثار التي خلفها السفر على الحقائب القديمة بأسلوب معاصر. بهذا العمل المميز يستقبل متحف اسطنبول الحديث زواره، فاتحاً صالاته لعشاق الفنون البصرية والتركيبية والسمعية المعاصرة. ويقول مؤسسو المتحف الأول للفن المعاصر في تركيا، إنهم أرادوا من المتحف أن يكون مساحة لحوار الأفكار الفنية المتلاحقة التي أثرت في الثقافة التركية، ولذلك يحاول المتحف احتواء مختلف أشكال الفنون الحديثة. الفنانة الأميركية جينيفر ستنكامب اختارت التعبير عن خضوع الأشجار لرغبة الطبيعة وأهوائها عبر فن التركيب بواسطة الفيديو، من خلال عملها Eye catching، والمكوّن من ثلاثة فيديوات يحكي كل واحد منها قصة شجرة تُعكس صورتها على أحد الجدران، تتحرك أغصان الشجرة وفق دورة الحياة في ديناميكية تجذب الأنظار. وبواسطة الستانليس والمرايا، والعاكسات الضوئية والكرات الملونة، صنع الفنان الدنماركي أولافور إيلسون عمله الذي أطلق عليه اسم «Red Emotion Globe»، وتتوسط كرة الفنان، إحدى غرف المتحف الحديث عاكسةً فيها أضواء ملونة تتيح لزوار الغرفة اكتشاف مشاعرهم وفق طريقة الفنان إيلسون. وعلى رغم تنوع الفنون التركيبية الموجودة في المتحف، إلا أن الفنون التصويرية تمكنت من حجز مكان لها، فقدرة اللوحات التقليدية على مواكبة معايير الحداثة أمر يصدم زوار المتحف الذين يتفاجأون بقدرة اللوحات على الخروج عن قاعدة أبعادها النمطية، سواء من حيث المواضيع أو طريقة المعالجة أو الخامات المستخدمة في التجسيد. وخرج عدد كبير من أعمال الفنانين عن المألوف فمزج بعضهم بين اللوحة وفنون الميديا، واستخدم بعضهم الآخر خامات معاصرة في أعمالهم. ويشير المشرفون على صالات العرض في المتحف، أنه تم اختيار مجموعة الأعمال الفنية المعروضة في شكل دائم، بدقة متناهية، لتسليط الضوء على الصلة التاريخية بين فنون الماضي والمستقبل. ومجموعة الأعمال الفنية الدائمة -هي وفق وصف المشرفين - مساحات تتقاطع فيها الفنون بين الماضي والمستقبل. ويستضيف متحف اسطنبول معارض دائمة وأخرى موقتة، ويضم صالات عرض خاصة بمعارض الصور الفوتوغرافية وصالة سينما، وأخرى خاصة بورش العمل والبرامج الجماعية، إضافة إلى مساحات مخصصة للبرامج التعليمية والاجتماعية ومكتبة واسعة تضم آلاف الكتب. ويؤكد مسؤولو الفعاليات، أنه منذ تأسس المتحف في عام 2004، تم تنظيم خمسة معارض دائمة وخمسة وثلاثين معرضاً موقتاً، إضافة إلى 29 معرض تصوير فوتوغرافي لأهم الفنانين الأتراك والعالميين، و14 معرضاً خاصاً بفنون الفيديو، ونظم المتحف 16 معرضاً دولياً، كما يؤكد المشرفون أنه في كل عام يستفيد آلاف الأطفال والشباب الأتراك من العروض التعليمية المنظمة في المتحف. وفيما يخص الجانب السينمائي، يوضح القائمون على صالة العرض السينمائية في المتحف، أنهم يهتمون في شكل خاص بالسينما المعاصرة للفنانين الأتراك الشباب، ويحاولون في شكل دوري عرض أفلام عالمية قديمة، لتحريض الشباب على متابعة الفنون البصرية.