أثارت أنباء تعاقد الجيش الأميركي مع شركة «تريبل كانوبي» الأمنية بدلاً من «بلاك ووتر» اثر رفض الحكومة العراقية تجديد عقدها بعد إلغائه مخاوف عراقية من ممارسة نشاطات لمصلحة اسرائيل بعدما كشفت الشركة في موقعها الالكتروني عن عملها في الدولة العبرية. وفيما رمت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية الكرة في ساحة وزارة الداخلية باعتبارها الجهة المسؤولة عن اصدار التراخيص من هذا النوع، أكدت الداخلية العراقية أنها تعمل ضمن ضوابط وتعليمات في حال انطبقت على أي شركة ستحصل على اجازة العمل في العراق. وأثار اعلان تعاقد الاميركيين مع شركة «تريبل كانوبي» الأمنية الخاصة بدلاً من «بلاك ووتر» التي اعترف خمسة من مرتزقتها في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بارتكابهم جرائم قتل في حق مدنيين عراقيين في ساحة النسور وسط بغداد، جدلاً داخل الأوساط العسكرية، ولا سيما أن «الشركة الجديدة لها أعمال في اسرائيل التي تعتبر تهديداً للشرق الاوسط بحسب القوانين العراقية». وأبدى اللواء السابق في الجيش العراقي اسماعيل المشكوري ل «الحياة» مخاوفه من وجود شركات أمنية ذات تخصصات واسعة تتطلب جمع معلومات ذات طبيعة استخباراتية. وقال إن «هذه الشركة في موقعها الرسمي تشير الى أنها متخصصة في ايجاد الحلول الأمنية المتكاملة وتخفيف المخاطر الامنية. وهذه تخصصات مريبة توحي بوجود أقسام استخباراتية لديها متخصصة في جمع المعلومات». وتساءل: «ما دام هذا النوع من العمل يدخل في خانة الارتزاق، ما هي الضمانات بعدم ممارسة نشاطات أخرى غير العقد الرئيسي كالمتاجرة بالآثار، كما تورط زملاؤهم في بلاك ووتر، أو توفير معلومات مهمة عن ايران أو سورية لمصلحة اسرائيل، ما يتعارض مع نصوص الاتفاق الامني بين العراق واميركا الموقع في أواسط كانون الاول الماضي ويعتبر خرقاً للسيادة؟». ودعا المشكوري الجهات المختصة الى «تشديد الشروط أمام الشركات الأمنية وتوقيعها تعهدات خطية بعدم ممارسة نشاطات تضر بالمصلحة العليا للبلاد». من جهتها، قالت لجنة الامن والدفاع في البرلمان إن وزارة الداخلية هي الجهة التنفيذية المخولة اصدار ومنح اجازات وتراخيص العمل لمثل هذه الشركات. ورداً على سؤال ل «الحياة» عمّا يثار من شبهات ضد الشركة الجديدة في علاقة بعض عناصرها بإسرائيل، وأنها شركة صغيرة استولت عليها «بلاك ووتر» واستخدمتها كواجهة للحصول على عقد العراق، أشار عضو اللجنة والقيادي في حزب «الدعوة» النائب حسن السنيد الى أنه «لا توجد لديه معلومات عن الشركة أو عن تعاقدها». وتابع: «لا أعلم إن كانت تمثل واجهة لشركة أخرى». وزاد أن «هذا الأمر من اختصاص وزارة الداخلية باعتبارها الجهة المسؤولة عن تنفيذ وتطبيق القانون في هذا الخصوص». الى ذلك، أكدت وزارة الداخلية التزامها القانون والتعليمات الخاصة بالتعاقد مع الشركات الأمنية الخاصة. وأشار اللواء الركن عبدالكريم خلف في تصريح الى «الحياة» الى أن الحكومة العراقية «تتعامل مع طلبات الشركات من هذا النوع وفق القانون العراقي»، وأن هناك «لجنة خاصة في وزارة الداخلية تنظر في طلبات العمل في هذا التخصص بحسب الضوابط المعمول بها». وعن أهم الشروط المطلوبة، أفاد أن «أهمها تقديم قاعدة بيانات عن أفرادها وأسلحتها يقدم الى الوزارة». وبحسب الضوابط التي تتعامل بها الحكومة العراقية مع الشركات الأمنية وفقاً لما نشره الموقع الرسمي لوزارة الداخلية. فإضافة الى الولاية القضائية الممنوحة للدولة وفقاً للاتفاق الأمني الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني (يناير) الماضي، فإنها اشترطت على الشركة المتقدمة للعمل الحصول على اجازة ممارسة مهنة من دائرة مسجل الشركات في وزارة التجارة وبعدها التقدم بطلب الحصول على رخصة العمل من دائرة تسجيل وتقويم الشركات الامنية في وزارة الداخلية، وتقديم قوائم بالأسماء الكاملة للموظفين والمسؤولين في الشركة الأمنية الخاصة وأسماء المديرين واثبات على تسجيل الشركة وفي حال تسجيل الشركة في بلد آخر غير العراق يُقدم اثبات على تسجيل الشركة في البلد الأم وتفاصيل عن العمل الذي ستنجزه الشركة في العراق. ويفيد الموقع الاكتروني لشركة «تريبل كانوبي» أنها تشكلت في شيكاغو عام 2003 على أيدي عدد من المحاربين القدامى في القوات الخاصة في الجيش الاميركي، وهي متخصصة في ايجاد الحلول الأمنية المتكاملة وتخفيف المخاطر الأمنية وتطوير البرامج الأمنية للشركات الخاصة والحكومية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية التي تعمل في بيئات شديدة الخطورة في كل أنحاء العالم. وتشمل الخدمات المقدمة عمليات التقويم والتدريب وادارة الازمات والحماية وخدمات الدعم. ولدى الشركة أكثر من ألفي مدرب متخصص عملوا في بيئات خطرة كالعراق واسرائيل ونيجيريا. يذكر أن شركة «بلاك ووتر» كسبت أكثر من بليوني دولار أميركي من عقود خدمات أمنية حصلت عليها من الحكومة الأميركية. ودفعت وزارة الخارجية الأميركية للشركة مبلغ 832 مليون دولار بين عامي 2004 و2006.