دعا المدير العام لصندوق النقد العربي جاسم المناعي المصارف إلى إجراء إصلاحات تتعلق بمعيار رأس المال والسيولة، ليكون الأول أكثر تحديداً وشفافية وقادراً على استيعاب أي خسائر فور حدوثها من خلال إلزامية تكوين احتياطات لحماية رأس المال خلال الأزمات، وتخصيص رأس مال إضافي في مقابل العمليات التجارية، وتكوين مخصصات لأخطار متوقعة أثناء الفورات الاقتصادية وفترات الانتعاش، وفقاً لما نص عليه اتفاق «بازل 3» لحماية المصارف في مواجهة الأزمات المالية في المستقبل. وأضاف في كلمة ألقاها نيابة عنه مدير معهد السياسات الاقتصادية في الصندوق سعود البريكان، خلال افتتاح دورة «بازل 3» التي بدأت أعمالها أمس في مقر الصندوق في أبوظبي بالتعاون مع «معهد الاستقرار المالي» التابع لبنك التسويات الدولية «من أهم الدروس المستقاة من هذه الأزمة، بروز الحاجة لإعادة النظر في أساليب الرقابة على القطاع المصرفي، وتحديداً أسلوب إدارة الأخطار لمعرفة مدى هشاشة القطاع». وأشار إلى أن «السلطات الرقابية لم تتخذ خطوات استباقية لمعرفة مدى قدرة البنوك على تحمل ظروف اقتصادية صعبة، ما أدى إلى تفاقم الأزمة المالية وتحولها إلى أزمة اقتصادية كادت تعصف بالاقتصاد العالمي، وتصدع اقتصادات بعض الدول كما حدث في اليونان وإلى حد ما في إسبانيا وإيطاليا، ما استلزم تقديم مساعدات اقتصادية لتلك الدول لمساعدتها على التعافي ولتجنب انتقال العدوى إلى دول أخرى». ولفت المناعي إلى أن «عقد هذه الدورة يأتي في وقت ما زال الاقتصاد العالمي يشهد ظروفاً صعبة جداً ومعقدة ناجمة عن الأزمة المالية العالمية التي مازالت تداعياتها ماثلة أمامنا، وأبرز أسبابها الإفراط في الإقراض من دون مراعاة أدنى معايير السلامة المصرفية وعدم قدرة البنوك على امتصاص الخسائر وعدم احتفاظها بسيولة تمكنها من مواجهة الالتزامات، إضافة إلى ضعف أساليب الرقابة على الأخطار لديها وعدم قيام الجهات الرقابية بتقويم مدى قدرة المؤسسات المالية على تحمل ظروف ضاغطة». وشدّد رئيس قسم التدريب إبراهيم الكراسنة على أن «المؤشرات العامة للاقتصاد العالمي تنذر بحدوث أزمة عالمية جديدة العام المقبل، في توقعات بتراجع الطلب على النفط في كل من الصين والهند والبرازيل مع تراجع صادرات كل منها». وأضاف «دول اليورو تعاملت مع أزمة اليونان بمنطق السيناريو الأسوأ، مقدرة ديونها بما لا يزيد على 120 في المئة من الناتج المحلي، لتفاجأ بأنها تزيد على 180 في المئة، ما أدى إلى اضطراب في التعامل مع هذه الأزمة، إلى جانب بروز دول أخرى تعاني الأزمة ذاتها». وأكد أن «أزمة الديون الأوروبية والخفض المتوقع في عجز الموازنة الأميركية، الذي يتضمن تقليص الإنفاق ورفع الضرائب عام 2013 والتباطؤ في الصين وغيرها من الاقتصادات الصاعدة، تعزز التوقعات بأزمة عالمية جديدة». وشدّد على ضرورة أن تتخذ منطقة اليورو قرارات صعبة، لافتاً في هذا الصدد إلى إصدار المحكمة العليا في ألمانيا حكماً بإقرار معاهدة إنشاء آلية الاستقرار الأوروبية، وهي إحدى الأدوات الرئيسة التي تراهن عليها دول اليورو لمواجهة أزمة الديون، وإقرار الميثاق المالي الجديد للاتحاد الأوروبي والذي يفرض قواعد أشد صرامة على عجز موازنة الدول الأعضاء.