كشفت مصادر سياسية أن سفراء الدول الأوروبية لدى لبنان يشددون في لقاءاتهم مع أركان الدولة والقيادات السياسية الرئيسة على حرص دولهم على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في الربيع المقبل، سواء تم الاتفاق على قانون جديد للانتخاب أم لم يتم. وقالت المصادر نفسها ل «الحياة»، إن السفراء ينصحون بالتفكير بجدية بضرورة تأليف حكومة جديدة تشرف على إجراء الانتخابات طالما أن معظم الوزراء في هذه الحكومة ينوون الترشح لخوضها. وأكدت أن السفراء لا يرون أن اختيار الوزراء المشرفين مباشرةً على العملية الانتخابية صعب، شرط عدم تدخلهم في صلبها لجهة تسهيل ما يطلبه فريق منهم مقابل وضع العصي في الدواليب أمام فريق آخر. وأوضحت أنهم يسارعون إلى التحرك في اتجاه أركان الدولة والأطراف السياسيين كلما صدر موقف من هنا أو هناك يتحدث فيه أصحابه عن صعوبة إجراء الانتخابات في موعدها وأن لا مفر من التمديد للمجلس النيابي الحالي، أو تأجيل إنجازها لاعتبارات تقنية وإدارية، ويبلغون من يعنيهم الأمر أن هناك ضرورة لتطبيق مبدأ تداول السلطات. وفي هذا السياق، يتفهم السفراء - وفق المصادر- الدوافع التي تملي على وزير الداخلية والبلديات مروان شربل إعداده منذ الآن لإصدار مرسوم يدعو فيه الهيئات الناخبة إلى الانتخاب على أساس أن تجري في يوم واحد في كل لبنان. وقالت المصادر إن شربل يميل إلى إجراء الانتخابات في التاسع من حزيران (يونيو) وهو أوعز إلى الإدارات المختصة في وزارته ببدء التحضير اللوجستي والإداري لها، وإنه يعد لائحة بالمرشحين لعضوية الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات سيتقدم بها قريباً إلى مجلس الوزراء، الذي يعود إليه اختيار الأعضاء باقتراح من الوزير. وسألت: «أين الخطأ الذي ارتكبه بالطلب من الإدارات المعنية في وزارة الداخلية المباشَرةَ بإعداد لوائح الشطب لإفساح المجال أمام تصحيحها وتنقيتها من الشوائب تمهيداً لنشرها؟». واعتبرت أن بدء الإعداد الإداري واللوجستي لإجراء الانتخابات لا يرتبط بأي نظام انتخابي يمكن اعتماده كأساس لإجراء الانتخابات، وقالت إن شربل يدرك هذا الأمر جيداً لأن القانون من مسؤولية المجلس النيابي بعد أن أحالت عليه الحكومة مشروع القانون الذي أعدته والقائم على اعتماد النظام النسبي. الحفاظ على المهل وأضافت أن شربل وإن كان لا يسمح لنفسه بأن يقحم التحضيرات الجارية لإجراء الانتخابات في أي قانون انتخاب، فإنه في المقابل يقوم منذ الآن بكل ما على وزارته من واجبات، وإن تحديده التاسع من حزيران لإجراء الانتخابات ينطلق من ضرورة الحفاظ على المهل وتحديداً بالنسبة الى موظفي الفئة الأولى من مدنيين وعسكريين، الذين يتوجب عليهم الاستقالة من الوظيفة قبل ستة أشهر من موعد إجراء الانتخابات، إذا ما أرادوا الترشح. ورأت أن الوزير ملزم التقيد بالمهل المنصوص عليها في قانون 1960 الذي لا يزال مفعوله سارياً، إلا في حال أَقر المجلس النيابي القانونَ البديل، وعندها تمكن إعادة النظر في هذه المهل. وقالت إنه استند إلى تحديد المهل لئلا يصل إلى حائط مسدود في حال تعذر التوافق على قانون جديد وعندها يبادر البعض إلى تحميله المسؤولية، على خلفية أن القانون الحالي يحرمهم من الترشح ما لم يتقدموا باستقالاتهم من مناصبهم. وأكدت أن شربل حصر اهتمامه بالإعداد اللوجستي والإداري لئلا يدهمه الوقت إذا ما تأخر إقرار قانون انتخاب جديد. وقالت المصادر بأنه كان على حق عندما أعلن أمام لجنة الإدارة والعدل النيابية في أول اجتماعاتها لمناقشة مشروع الحكومة، أن إجراء الانتخابات في موعدها يتطلب الانتهاء من مناقشته وإقراره قبل بدء العام الجديد، ليكون في وسعه التحضير لإنجاز العملية الانتخابية. وقالت المصادر إن بعض النواب اعتبروا أن كلامه هذا يشكل «تعدياً» على صلاحيات البرلمان الذي هو سيد نفسه على رغم أنه كان يتحدث من زاوية إدارية ولوجستية ولم يقترح الاستغناء عن مشروع الحكومة الذي جُمد أخيراً البحثُ فيه بسبب قرار المعارضة عدم الاشتراك بأي نشاط برلماني في حضور وزراء من الحكومة. وأكدت أن ما حذر منه شربل حصل فعلاً، وهذا ما يؤكده «تعليق» البحث في مشروع الحكومة، سواء في لجنة الإدارة والعدل أم من خلال اللجنة الفرعية واللجان المشتركة، وقالت إن ما أنجز في اللجان المشتركة بقي محصوراً ببندين: الأول ينص على زيادة عدد النواب من 128 إلى 134، ليتسنى للبنانيين المقيمين في الخارج انتخاب ستة نواب يمثلونهم في البرلمان، والثاني يتعلق بوضع آلية تسمح لهم بانتخاب ممثليهم في الأماكن المقيمين فيها. وسألت المصادر هل أن شربل وراء عدم اتفاق النواب في اللجان النيابية على القانون الجديد الذي سيُعتمد لإجراء الانتخابات، وإلا لماذا تقررت إحالته على لجنة نيابية فرعية برئاسة نائب رئيس المجلس فريد مكاري أُوكلت اليها مهمة التشاور للوصول الى توافق حول النظام الانتخابي الجديد؟ كما سألت ما إذا كان وراء عدم تأمين الاستمرارية للجنة الفرعية بعد أن تعذر على النواب المنتمين إلى قوى 14 آذار الحضور إلى البرلمان لمحاذير أمنية مع تزايد المخاوف من عودة مسلسل الاغتيالات. لذلك، لا يمكن وزير الداخلية إلا أن يستعد إدارياً ولوجستياً لخوض الانتخابات لئلا يجعل البعض منه «كبش محرقة» بتحميله مسؤولية أي عطل سياسي يؤخر إتمامها، خصوصاً أن التحضيرات لا تمت بصلة الى النظام الانتخابي. ناهيك بأن الحديث عن إمكان تأجيل إجراء الانتخابات لأسباب لوجستية وفنية لمدة شهرين أو ثلاثة، لم يصدر عن شربل وإنما بُحث في لقاءات جمعت الرؤساء الثلاثة. وقيل في حينها -كما تقول المصادر- إن لا مشكلة في التأجيل إذا كانت هناك حاجة سياسية تستدعي إجراء المزيد من المشاورات لضمان التوافق على قانون الانتخاب.