صمت طويلاً، وأجبر أبناءه على ذلك، يترقب الأمل ولا يراه، تساعده في ذلك قوة إيمان وعزة نفس أبت ألا تنكسر. عضه العوز طويلاً فصبر، شاهد أبناءه ينكسرون وزوجته تطويها الأحزان فلم يتغيّر ولم يتبدل. فجأة انكسر كل شيء، ووجد نفسه يخسر من كان يخاف عليهم. الزوجة توفيت، وأكبر الأبناء تحيط به الأمراض النفسية من كل صوب، علاوة على مرض ألمَّ بأحد أبنائه الآخرين، وجلطات متتابعة تصيب قلبه الصابر. هو لا يهتم لأمر نفسه، وإلا لكان مسلسل الصبر مستمراً، ولكنه وجد أبناءه في خطر، خصوصاً بعد موت زوجته واستمرار الظروف المالية السيئة التي يعيش فيها مع أبنائه. «لولا الله ثم أبنائي الأربعة لما اشتكيت إلى غير الله»، بهذه الجملة بدأ المواطن مليح الرويلي سرد معاناته، شجعه على ذلك أن أحداً منهم لا يملك وظيفة أو مصدر دخل يؤمن مستقبلهم، ويعيشون في مكان مهترئ يطلق عليه مجازاً اسم «منزل». ويقول مليح: «بعد وفاة زوجتي تعرض ابني الأكبر إلى صدمة، ومع مرور الأيام تدهورت حاله النفسية والصحية»، موضحاً أن ابنه الآخر مريض أيضاً. ويضيف مليح: «لديّ ابن آخر مريض أيضاً، واضطررت إلى الاقتراض من المصرف والسفر به إلى الأردن لعلاجه من مرض في الغدد»، موضحاً أن ظروفهم المالية سيئة للغاية، فهو متقاعد عن العمل الحكومي ويتقاضى راتباً قدره 2900 ريال شهرياً، إضافة إلى 800 ريال شهرياً يتسلمها ابنه الأكبر من الضمان الاجتماعي. ويؤكد رب الأسرة المحبط أن راتبه ومساعدة الضمان لا يفيان بأبسط حاجات أسرته، «يذهب معظمها في سداد القروض والديون، إضافة إلى أنها لا تغطي حاجاتنا، خصوصاً أننا زبائن دائمون للصيدليات». ويكشف مليح أنه تعرّض مرات عدة إلى جلطة في القلب، ولكن بفضل من الله سبحانه وتعالى تم تجاوزها وإن كانت آثارها باقية، «صحتي ونفسيتي ليستا مثل السابق، منذ سنوات لم أهنأ بالراحة أو السعادة، الأمراض تتابع علينا، والهموم تحيط بنا، والديون لا يعلمها إلا الله، وأخشى على أبنائي أكثر من اهتمامي بصحتي». ويستطرد: «منزلي متهالك وقديم، ونعاني جميعاً منه، خصوصاً عند هطول الأمطار، إذ تتسرب المياه إلى الداخل في عدد من الغرف، وبالتالي نقضي الليل بطوله ونحن ننظف المنزل ونحاول إصلاحه موقتاً»، مشيراً إلى أنه لا يستطيع ترميمه، «من أين؟ لا يبقى من دخلنا شيء قبل نهاية الشهر، ونعيش على الضروريات فقط، لا نستطيع حتى التفكير في إصلاح المنزل». ويستدرك: «تقدمت إلى الجمعية الخيرية في محافظة دومة الجندل بطلب الترميم، وتجاوبوا معي مشكورين، ولكنهم طلبوا مني إحضار مهندس لتقويم أضرار المنزل، وبالفعل أحضرت مهندسين على حسابي الخاص»، مضيفاً: «فوجئت بالجمعية الخيرية تفيدني بأن المتبرع لم يرد عليهم بشيء». من جهته، أكد مدير جمعية البر الخيرية في محافظة دومة الجندل سعدون الوشيح أن فاعل خير تسلّم الأوراق الثبوتية الخاصة بالمواطن مليح الرويلي وحاجته الماسة إلى ترميم المنزل، مؤكداً: «فاعل الخير لم يرد علينا حتى الآن». ويناشد مليح فاعلي الخير الإسراع في مساعدتهم، لافتاً إلى أنهم يعيشون ظروفاً معيشية لا تحتمل، «نحن مقبلون على موسم الأمطار والقلق يسيطر عليّ، وأرجو من الله أن يسخّر لنا من يريحنا في حاضرنا ويؤمن مستقبلي وأبنائي».