زادت الحشود الضخمة في ميدان التحرير في القاهرة أمس وفي محافظات عدة الضغوط على الرئيس المصري محمد مرسي الذي احتشد مئات الآلاف من المتظاهرين للاحتجاج على الإعلان الدستوري الذي أصدره ووسع بموجبه صلاحياته حتى أنه عطل رقابة القضاء على قراراته، فيما اكتفت جماعة «الإخوان المسلمين» بتنظيم مسيرات في عدد من الأقاليم لتأييد الرئيس. وتجمع مئات من أعضاء الجماعة أمام مقراتها وحزبها «الحرية والعدالة» في مختلف المحافظات لحمايتها من أي اقتحام كما حدث يوم الجمعة الماضي. وفي وقت تعهد رئيس الورزاء هشام قنديل بالتصدي لأي أعمال عنف أو خروج عن سلمية التظاهرات، شهد محيط ميدان التحرير وخصوصاً ميدان «سيمون بوليفار» القريب من التحرير والمواجه للسفارة الأميركية ومسجد عمر مكرم أمس اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين هي الأعنف منذ اندلاعها قبل نحو تسعة أيام سقط فيها عشرات المصابين، فيما خيمت على أرجاء الميدان رائحة الغاز المسيل للدموع الذي ألقته الشرطة بكثافة على المتظاهرين. وأعلن «حزب التحالف الشعبي» مقتل الناشط في صفوفه فتحي غريب مختنقاً في ميدان التحرير نتيجة استنشاقه الغاز المسيل للدموع. كما أصيب عشرات في أرجاء الميدان بحالات اختناق جراء استنشاق الغاز الذي امتدت رائحته إلى مسافات بعيدة، ما يشير إلى كثافة مهاجمة المتظاهرين بالغاز. وأغلقت مدارس عدة أبوابها في محيط الميدان، كما أغلقت المحال التجارية أبوابها من شدة رائحة الغاز، وسمعت في محيط الميدان أصوات قنابل الصوت التي ألقتها الشرطة على المتظاهرين لتفريقهم وكذلك صافرات مدرعات الشرطة التي ظلت تجوب المنطقة وتطلق قنابل الغاز على المتظاهرين، كما دوت صافرات سيارات الإسعاف في المنطقة مرات عدة. واحتشد مئات الصبية والشباب في مواجهة الشرطة من ناحية مسجد عمر مكرم وأمطروها بوابل من الحجارة، وزاد عنف الشرطة من حشد الشباب في مواجهتها، فيما سعى ناشطون إلى وقف الاشتباكات صباحاً بأن شكلوا درعاً فاصلاً بين المتظاهرين والشرطة. لكن هذه المساعي لم تنجح بسبب زيادة الاحتقان مع سقوط مزيد من القتلى وعشرات الجرحى وإصرار الشرطة على فض التجمعات باستخدام القوة المفرطة. وأحرق المتظاهرون سيارة تابعة للشرطة قرب السفارة الأميركية. واستقبل ميدان التحرير صباحاً آلاف المتظاهرين الذين نظموا مسيرات طافته منددة بالإعلان الدستوري، وامتلأ الميدان بالمتظاهرين حتى قبل وصول مسيرات حاشدة تحركت مع غروب الشمس من مناطق عدة في القاهرة صوب ميدان التحرير. وردد المشاركون في المسيرات هتافات ضد مرسي ومرشد «الإخوان» محمد بديع، منها: «يسقط يسقط حكم المرشد» و «عيش حرية... إسقاط التأسيسية» و «هما اتنين ملهمش أمان... السلفي والإخوان» و «ارحل يا مرسي» و «ارحل يعني امشي يا اللي ما بتفهمشي» و «احنا شباب 25 لا إخوان ولا سلفيين» و «يسقط يسقط مرسي مبارك» و «الداخلية بلطجية» و «رجعنا تاني الميدان عشانكم يابتوع الميزان»، في إشارة إلى الرمز الانتخابي لحزب «الإخوان». وامتلأ الميدان في مليونية «للثورة شعب يحميها» بلافتات ضد مرسي وجماعته، كتب عليها: «مصر للجميع وليست لفصيل... لا لأخونة الدولة» و «يسقط يسقط حكم المرشد» و «بيع بيع بيع الثورة يا بديع» و «الرئيس يدفع الشعب إلى العصيان المدني» و «إسقاط الإعلان الدستورى... الإخوان سرقوا البلد» و «دماء الشهداء ترفض الاعلان الدستوري الاستبدادي» و «ولا يوم... ولا ساعة... ولا ثانية ديكتاتورية» و «ميليشيات وكتائب الإخوان لن ترهب الشعب» و «الشعب يريد من المحكمة الدستورية عزل الرئيس فاقد الشرعية» و «يسقط الاعلان الدستوري ولا لأخونة الدولة». وعلق المتظاهرون صورة كبيرة لعضو «حركة 6 أبريل» محمد جابر «جيكا» الذي قُتل في الاشتباكات مع الشرطة وهو يعتلي نسراً ويطير. وانطلقت مسيرات حاشدة من مسجد الفتح في ميدان رمسيس ومن مسجد الخازندار في حي شبرا يتقدمها رئيس «حزب الدستور» محمد البرادعي ومن مسجد مصطفى محمود في حي المهندسين ومن مسجد السيدة زينب ومن أمام مقر نقابتي الصحافيين والمحامين في وسط القاهرة، توجهت جميعها إلى التحرير مرددة هتافات رافضة للإعلان الدستوري وجماعة «الإخوان»، منها: «يسقط كل مصري خسيس باع بلده بالرخيص» و «هو مرسي عاوز ايه... عاوز الشعب يبوس رجليه» و «يلا يا مصري انزل من دارك محمد مرسي هو مبارك» و «يا أهالينا انضموا لينا الإخوان باعوا فينا». وما إن وصلت هذه المسيرات إلى الميدان حتى اكتظ بالمتظاهرين في مشهد أعاد إلى الأذهان «ثورة 25 يناير»، حين كان الميدان يغلق بفعل الحشود لا المتاريس، ما أكد قدرة التيار المدني ومعارضي مرسي على الحشد المليوني في مواجهته. ولوحظت زيادة أعداد الخيام في الميدان لدرجة أن حديقته الوسطى اختفت معالمها تماماً بعدما امتلأت بالخيام، كما انتشرت أخرى في مواجهة مجمع التحرير. وأغلق المعتصمون الميدان من كل الجهات. في المقابل، حشد «الإخوان» أنصارهم في المحافظات تأييداً لقرارات الرئيس، بعدما كانت الجماعة قررت إرجاء تظاهراتها في محافظة الجيزة «حقناً للدماء»، وفق بيانها. لكن عُلم أن مداولات تمت بين قيادات في «الإخوان» في أعقاب اجتماع بين الرئيس ووزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين ورئيس قطاع الأمن الوطني اللواء خالد ثروت، أسفرت عن إلغاء التجمع في القاهرة، لتأمين الدعم الكافي لمقرات الجماعة في المحافظات خشية اقتحامها وحرقها، وكذلك لمنع التعدي على الحافلات التي كان مقرراً لها نقل «الإخوان» من المحافظات إلى القاهرة، ولتجنب وضع الشرطة في مواجهة المتظاهرين في محافظات عدة إن أقدم معارضو «الإخوان» على حرق مقرات الجماعة في المحافظات فيما أعضاء الجماعة يتظاهرون في القاهرة كما حدث يوم الجمعة الماضي. وتظاهر آلاف من أنصار جماعة «الإخوان» في الاسكندرية أمام مسجد القائد ابراهيم لتأييد الإعلان الدستوري، وشارك في التظاهرات أيضاً أنصار «الدعوة السلفية» و «الجماعة الإسلامية». وقال مسؤول المكتب الإداري للجماعة في الاسكندرية مدحت الحداد في تصريح صحافي إن «التظاهرات هدفها تأييد الرئيس، ولا نستهدف منها الدخول في أي اشتباكات مع أي طرف لأننا نريد تجميع الوطن وليس تقسيمه». وتكرر الأمر في محافظات عدة خصوصاً أسيوط والبحيرة حيث خرج أنصار «الإخوان» بأعداد كبيرة لتأييد قرارات مرسي، ورددوا هتافات منها: «الشعب يريد تطهير القضاء» و «أحمد الزند باطل»، في إشارة إلى رئيس نادي القضاة و «سامح عاشور باطل»، في إشارة إلى نقيب المحامين و «إسلامية إسلامية... ضد الهجمة الإعلامية». وزار مرشد «الإخوان» محمد بديع أسرة الصبي إسلام فتحي معزياً في مقتله خلال المواجهات التي اندلعت بين أنصار «الإخوان» ومعارضيهم في مدينة دمنهور.