هل لدينا «إخوان مسلمون في السعودية»، في الحقيقة لا أعلم يقيناً، هل هناك من ينتمي لهذه الجماعة الشهيرة أم لا؟ وهل هم منتمون حزبياً وبيعة لمقام المرشد العام في مقطمه الشهير بقاهرة المعز، أم أنها مجرد إشاعات تلاحق بعض المتعاطين، ومجرد تشكيلات إسلاموية تتعاطف مع كل ما هو خيار إسلامي في العالم؟ لكنني، ويبدو أن هناك غيري، في غاية الاهتمام بمعرفة حقيقة ذلك لأسباب عدة، لعل أهمها التطورات الضخمة التي تنشأ حولنا في محيطنا العربي، وما يترتب عليها من تصادمات فكرية ووطنية، إضافة لتلك المكنة السياسية والإعلامية التي تتشكل في أجوائنا، وتكاد تلتهمنا، مستندة على أنشطة حركية وبرامج سياسية تتبع جماعة الإخوان المسلمين، بغض النظر عما إذا كنا نحبها أو نكرهها، فهي أصبحت موجودة ولا يمكن إلغاؤها أو الارتحال عنها. بعض المتابعين للمشهد في السعودية والعارفين بتفاصيل المشهد الإسلاموي في المنطقة، يؤكدون وجوده، وأنه تيار قديم تشكل وانتهى الموضوع، وأن ما يحصل اليوم ليس إلا تحصيل حاصل، مشيرين إلى أن تشكلها يرجع إلى قيادات إخوانية غير سعودية استقرت في المملكة وحمتها وسمحت لها بالإقامة والعمل بعد اضطهادها في دولها خلال الفترة بين الستينات وإلى التسعينات الميلادية، لكنها استفادت من أجواء الصحوة في السعودية في الثمانينات وبنت بهدوء تشكيلات إخوانية جاهزة للتحول في أي وقت إلى جماعة واضحة وكبيرة وقادرة على الفعل. لذلك فإن الطلب الأساسي الموجه لكل من يبشر ب«العقيدة الإخوانية» في السعودية، أو يشير إلى نفسه ولو متوارياً بانتمائه للجماعة أن يعلن للجميع هل الانتماء للجماعة يعني أداء طقوس الولاء وتقديم بيعة للمرشد العام تُلزمه بالطاعة والموافقة والالتزام بالتوجيه من قادته، حتى ولو خالفت بيعته لحاكم دولته، أو مصلحة وطنه؟ لأن بقاء مجموعات تعيش بيننا، ونحن نعلم يقيناً أنها تحمل ولاءً لغيرنا لا تستطيع رفض توجيهاته، يجعل مستقبلنا ومستقبل أولادنا في خطر جسيم، نحن لا نتحمله ولا نقدر أن نعيش معه. مكمن الخطورة والتخوف في حال وجود تيار أو تشكيلات تنتمي أو تتعاطف مع الإخوان المسلمين في السعودية، وتقدم نفسها على أنها تيار نافذ وقوي وقادر على تحريك المشهد ونقل صراعاته إلى مفاصل تعليمية ودينية، فهي من باب أولى قادرة على نقلها للشارع، ومن خلال متابعة بسيطة لمواقع التواصل الاجتماعي يتضح بلا شك أن هناك ملامح لتيار منظم وفعال ومتمرس في تحريك أدواته وإدارة الصراع وتبادل الأدوار، وهي في الحقيقة آلية ملهمة لكل من يتابع المشهد ويستمتع بفهمه. ما يحمد لذلك التيار المتشكل في عالم «الإنترنت» الافتراضي أنه «استل سكينه قبل أن يتناول المدعوون طعام العشاء» ! كيف لا وقد تسرع في تقديمه لنفسه بشكل حاد وصدامي، متجبر ومتسلط وغير متسامح، حاملاً معه عقد الصراع وأحقاد التيارات، ورغبة جامحة في استئصال المخالفين، بل لو تسنى للبعض منهم لأفلت الموت والدمار على مخالفيه، ولو من خلف عالمه الافتراضي، كما قلنا. [email protected] @dad6176