أكد وزير التعليم العالي الأسبق في دولة قطر محمد عبدالرحيم كافود غياب الفكر الوحدوي في الثقافة الخليجية، «التي لم تستطع أن تتقدم مسافة أبعد من التعاون، وهو ما يجعل المنطقة تعيش نوعاً من الضبابية الثقافية». ولفت إلى «ضرورة توجيه الاقتصاد لخدمة الثقافة»، مستشهداً بتجارب المجتمعات الأخرى «التي تجاوزت كل الخلافات لتصل إلى الوحدة». وأوضح كافود أن تداعيات الربيع العربي «جاءت واحدةً من إفرازات الصراعات الفكرية والثقافية، نتيجة للخلل الموجود في المنظومة الثقافية في المنطقة العربية، التي لم تستطع خلق قوالب مشتركة في الأساسيات والثوابت»، مضيفاً: «أن ما يحدث فيها من صراعات ما هو إلا دليل على ثقافة مهلهلة ليست جامعة، بقدر ما هي مفرقة». وشدد على أن «نعيد النظر في منظوماتنا الثقافية ومؤسساتنا التربوية والإعلامية، ويجب علينا أن نتحمل مسؤولية القواسم المشتركة في الوطن الواحد، لنحقق بعض المكاسب التي فاتنا إدراكها في السابق، ونتدارك الأخطاء التي وقعنا فيها، لتلافيها وإصلاحها في المقبل من الأيام». جاء ذلك في ليلة تكريمه في «إثنينية» عبدالمقصود خوجة، مساء الاثنين الماضي. وقال كافود: «إن أجهزة دول مجلس التعاون الخليجي لم تستطع خلال 30 عاماً، هي عمر المجلس، أن تخلق قاعدة مشتركة بين أبناء المجتمع الواحد». وأكد كافود أن الأسبوع الثقافي لجامعات مجلس التعاون الخليجي في الثمانينات الميلادية، كان ينظم كل سنة في جامعة من الجامعات، «وشاركت جميع جامعات الخليج بمجموعات كبيرة قدمت الكثير من الفنون والأعمال الفنية والأدبية، لكنه الآن مع الأسف توقف، ونحن اليوم في حاجة ماسة إلى التركيز على جوانب النسيج الاجتماعي الثقافي المتكامل، لتتواصل الأجيال بعضها مع بعض». وتحدث كافود خلال الأمسية عن محطات في حياته العلمية والعملية، وتناول عرضاً لبعض مؤلفاته، مشيراً إلى أن دراساته هي من أوائل الدراسات النقدية التي شملت منطقة الحجاز في الجزيرة العربية، كما تناول قضية الثقافة العربية الإسلامية والمفاهيم الثقافية المشتركة، وأثر الصراعات المستمرة في المنطقة التي ضعف التواصل الفكري والثقافي بين أبنائها. وشكر كافود مؤسس «الإثنينية» على جهوده الكبيرة في الاحتفاء بالعلماء والأدباء والمثقفين في وطننا العربي الكبير. من جهته، قال عبدالمقصود خوجة في كلمته: «إننا نحتفي الليلة بشخصية ثقافية وأدبية لافتة في المشهد الثقافي العربي. ومحمد عبدالرحيم كافود هو الثاني من دولة قطر الذي يتم تكريمه في الإثنينية خلال 31 عاماً هي عمر المنتدى، وقلة العدد المكرم من بقية دول الخليج الست ما عدا السعودية يوحي بوجود فجوات ثقافية وفكرية بين أبناء رحم واحد، ونتمنى في المستقبل الاحتفاء بمجموعة أكبر». وزاد: «انحاز ضيفنا إلى الأدب الخليجي متخذاً منه مادة للبحث والاستقصاء في مراحل دراساته العليا، على رغم شيوع ثقافة المشافهة وقتذاك، وتعذر المراجع للمنجز الإبداعي، وعدم توافر المؤسسات العلمية على منهجية يعتد بها لتكون نواة لدراسات حديثة في النقد الأدبي، في مرحلة تاريخية لم يكن فيها فضاء الفعل الثقافي الخليجي بالحيوية، والرحابة اللازمة لاتخاذه مبحثاً يسهل التحليق فيه بجناحي ناقد». وأضاف: «مع ذلك، تجاسر الدكتور كافود وأثقل كاهله بعبء هذه الحفريات العميقة في طبقات الأدب الخليجي الحديث، وانزلق في بواطنه يجري كشوفاته الجمالية والمعرفية في عمل غير مسبوق حقق به نتائج غير مسبوقة لمادة دراسته». وشهدت الأمسية مداخلات عدة وحضرها عدد كبير من المثقفين والأدباء. وفي المداخلات تحدث عدد من المثقفين والمفكرين السعوديين، فتحدث الدكتور عبدالمحسن القحطاني عن كافود زميل دراسة في مرحلة الدراسات العليا في مصر، واصفاً إياه برائد ومؤسس المدرسة النقدية الأدبية في قطر. ووصف الدكتور عبدالله مناع التجربة القطرية بالملهمة، «بما تملكه من حضور قفز بها من دولة صغيرة إلى دولة كبيرة في المنطقة استطاعت بطموحها وأحلامها أن تحقق هذه المكانة». كما تحدث سعود الشيخي عن قيمة ما أنجزه الضيف على الصعيد الأدبي والفكري.