كرمت اثنينة عبد المقصود خوجه مساء أول من أمس الأثنين 12 محرم 1434ه الدكتور محمد كافود وزير التعليم العالي القطري السابق، وسط حضور واسع من المثقفين والإعلاميين والأكاديميين من داخل وخارج جدة. وفي بداية اللقاء قال صاحب الاثنينة الشيخ عبد المقصود خوجه: اتسعت مساحات وعيه المتجذر في منهجية عقله الجماعي،وتعددت محطات عطائه في مفاصل تجربة مهنية ثرة، فما بين معيد في جامعة قطر في بواكير حياته المهنية،إلى اقتعاده سدة الوزارة، سيرة حافلة بالتحديات وغنية بالإنجازات. أشرعت الاثنينية هذه الليلة مصاريع أبوابها شرقاً باتجاه الخليج، و تفيأت ظلال دوحته بعد غوص عميق فظفرت بهذا البريق الشفيف الذي يسربه لنا معالي الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحيم كافود وزير التربية والتعليم والثقافة، ووزير التعليم العالي الأسبق في الشقيقة دولة قطر، الأكاديمي الباحث في تراث المنطقة، والمفكر الناقد صاحب الإسهامات ذات الأثر الكبير في المشهد الثقافي الخليجي. وللأمانة التاريخية ولدواعي التوثيق الدقيق لمسيرة الاثنينية فإن الدكتور كافود بتشريفه لنا في هذه الأمسية، يكون ثاني اثنين من الذين كرمتهم الاثنينية من دولة قطر الشقيقة في مسيرتها الممتدة لإحدى وثلاثين سنة، والتي كرمت فيها حوالي (438) شخصية بمن فيهم بعض المؤسسات، و أحيطكم علماً - و لا أذيعكم سراً- بأن جملة من أتاحوا لنا فرصة تكريمهم من دول الخليج الست – ما عدا السعودية بالطبع- بلغت فقط (10) شخصيات لا غير، أي بنسبة مئوية تصل إلى 2.28%، فمؤشر هذه النسبة الضئيلة يعنى في تقديري المتواضع أن هنالك هوات وفجوات تواصل ثقافية وفكرية وأدبية في رحم واحد يضم أجنات مختلفة فهل نعزف لحناً خافتاً لا يسمعه الآخرون؟. وأضاف خوجه :لم يختلف د.كافود كثيراً عن مجايليه من أبناء ما يمكن تسميته بالجيل الثاني من القطريين الذين تلقوا تعليماً نظامياً حديثاً،والذين عرفوا بنزوعهم إلى استقلالية الشخصية، و الاعتداد بالذات ذلك في حقبة الخمسينيات والستينيات في خليج ما قبل النفط، و النمط الحياتي السائد في تلك الفترة، و التي أُطر فيها التعليم على النسق الأهلي الديني البحت المنصرف عن كل ما هو حديث أو معاصر، بيد أن هذا الجيل كان متبصراً على نحو ما، و مستشعراً بأهمية الرهان على المسألة التعليمية، كونها آنئذ تمثل أرجحية و ميزة تفضيلية في سباق الحصول على سبل كسب العيش الكريم. وقال خوجه :وبالرغم من قد ما يبدو على الدكتور كافود من استغراق و إيغال في المسألة المحلية في الخليج كشاغلة من أوجب شواغله، إلا أن المتأمل في منهجه الفكري بتفطن ماعن لا تخفى عليه ملامح استصحاب للخط الإسلامي في فكره في ظل بروز تيارات أخرى ارتفع صوتها بعد حرب 1967 مما جعل من هذا المآل الفكري توجهاً قابلاً للتبرير في تكوين بنية وعيه و هو القادم من مجتمع محافظ متثاقل الخطى في ولوجه الحذر في منعرجات مجتمع أكثر انفتاحاً و تحرراً كالمجتمع المصري الذي فتح له مسارحه، و متاحفه، ومكتباته العامة وحفلاته الاجتماعية الباذخة، فأضافت لوعيه المتمدن الكثير من الرصانة التي ضبطت بوصلة فكره بتوازن فريد. وختم خوجه : وفي تقديرنا المتواضع فإن تلك الهواجس و التوجسات الحضارية هي التي دفعت د.كافود لتكريس فكره للتأسيس لمشروع وحدة ثقافية عريض يتسع لكل بلدان الخليج، وفق إيمانه بضرورة التعويل على وحدة النسيج الثقافي، و هي رؤية استند فيها حسب تقديرنا على تكامل غايات هذه المجتمعات، و الاعتصام بحبال هويتها العربية والإسلامية كأهم عناصر مكوناتها الثقافية. وبحسب هذه الرؤية فإن دول المجلس تملك مقومات الوحدة التي بشر بها د.كافود من لغة و دين و عرق، و تراث مشترك تمكنها من الانتقال خطوة للأمام في سلم التاريخ من درج التعاون إلى درج الوحدة. تضيق مساحة كلمتي الترحيبية الموجزة للوقوف ولو على عجل في بعض من المحطات الحيوية، والفتوحات الجديدة في سيرة د.كافود، آملاً أن يضيء صاحب المعالي بعضاً مما يتيسر له في حواره المفتوح معكم. الضيف القادم ثم أعلن عن ضيف الاسبوع القادم وهو معالي فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد , المستشار بالديوان الملكي، عضو هيئة كبار العلماء، أمام وخطيب المسجد الحرام، و الذي صدر له أحد عشر مؤلفا آخرها تاريخ أمة في سيرة أئمة الصادر في خمسة أجزاء، بالإضافة إلى الكثير من البحوث و الدراسات القيمة. مداخلات الحضور تداخل حضور الاثنينة وبدأ الدكتور عبد الله مناع واصفاً التجربة القطرية بالملهمة بما تملكه من حضور قفز بها من دولة صغيرة إلى دولة كبيرة في المنطقة استطاعت بطموحها و أحلامها أن تحقق هذه المكانة. وتحدث الأستاذ سعود علي الشيخي مدير عام الثقافة و الإعلام بمنطقة مكةالمكرمة عن قيمة ما أنجزه الضيف على الصعيد الأدبي والفكري، ثم تحدث الضيف عن أهم مراحل حياته العلمية والعملية وتناول عرضاً لبعض مؤلفاته، شاكراً معالي الشيخ خوجة على حفاوة الاستقبال وعلى كلمته الضافية، تحدث عن النقد الأدبي و أشار إلى أن دراساته تعتبر من أوائل الدراسات النقدية التي شملت منطفة الحجاز، و أشار لبعض بحوثه التي لم ينشرها والتي تناول فيها قضية الثقافة العربية الإسلامية و المفاهيم الثقافية المشتركة، وأشار إلى أثر الصراعات المستمرة في المنطقة التي ضعف التواصل الفكري و الثقافي بين أبنائها.و أشار إلى تداعيات ما يعرف بالربيع العربي كواحدة من إفرازات الصراعات الفكرية و الثقافية نتيجة للخلل الموجود في المنظومة الثقافية بالمنطقة التي لم تستطع خلق قوالب مشتركة في الأساسيات و الثوابت.