قبل فترة غير بعيدة قرأت بإحدى الصحف المغربية استطلاعاً يتم كل شهر، يُصوِّت القراء عن الأحسن أداءً بين وزراء الحكومة المغربية، وأرى أن مثل هذا التوجه إيجابي، ويظهر أياً من المسؤولين في الوظيفة العامة يعمل بشكل إيجابي ومخلص وتقدم دائرته الواجبات المطلوبة بكل شفافية للمواطن، ويا حبذا أن نشاهد مثل هذه الاستطلاعات في وسائل إعلامنا المحلية لأنها ستقدم لنا رضا المواطنين عن أداء هؤلاء المسؤولين، وقد يتبع مثل هذه الاستطلاعات خطوات تحاسب من أتي في ذيل هذه القائمة. كثير من القضايا تظهر في إعلامنا عن قضايا الفساد بأشكاله المتعددة، سواء المالية والإدارية، ولكننا مع الأسف لا نسمع ماذا تم بمن تسبب به، وهذا في اعتقادي يضعف ثقة المواطن بالجهود التي تقوم بها الأجهزة الرقابية لدينا، فالمواطن يسمع عن الكثير من مظاهر الفساد وتكون حديث المجتمع، ولكننا لا نعرف ماذا تم بمن قام وتسبب بتلك الممارسات وخسر الوطن والمواطن بلايين الريالات، فقبل أشهر قرأنا عن قضايا رشاوى قام بها بعض المسؤولين بشركة أرامكو من شركة أميركية. لكن السؤال ماذا تم بشأن هذه القضية، وهل تم تناسيها وذهبت مع الريح كالعادة، وأين الخلل في ذلك، هل هو في آلية المتابعة من الأجهزة الرقابية، أو في ضعف الصلاحيات المنصوص عليها في أنظمتها، باعتقادي أن الكشف عن الفساد مهم، ولكن الكشف عمن تسبب به ومحاكمته أهم، وعلى تلك الأجهزة التسريع في إجراءاتها لمحاكمة هؤلاء أولاً: لإعطاء رسالة بجدية محاربة الفساد، وثانياً: لكسب ثقة المواطن بأن الدولة عازمة على محاربة الفساد. الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد باعتقادي تعمل بكل طاقتها في محاربة الفساد، ولكن هذا لا يعني أن الأجهزة الرقابية الأخرى، خصوصاً في الأجهزة الحكومية عليها القيام بدورها، وإن ثبت أن هناك فساداً في أي من هذه الأجهزة فعلى «نزاهة» محاسبة تلك الأقسام الرقابية لمعرفة أسباب تجاهلها للفساد في الوزارات العاملة بها. «نزاهة» في اعتقادي عليها التركيز على مظاهر الفساد في الأجهزة الحكومية والتفرغ لذلك وعدم الدخول في مماحكات عن حجم الفساد لدينا، كما حدث قبل فترة عندما ذكر الدكتور مغاوري شلبي أن حجم الرشاوى التي يدفعها القطاع الخاص تصل إلى ما بين 20 إلى 30 بليون دولار، وأن حجم الفساد لدينا يتسبب في قلة الدخل السنوي للمواطن، وأنه في حال القضاء عليه قد يرتفع دخل المواطن من 78 ألف ريال إلى 305 آلاف ريال سنوياً، قد يكون الرقم كبيراً وقد يعكس الحال، ولكن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ذكرت أن هذا الخبير الاقتصادي لم يستند على مصادر علمية موثوقة في أرقامه التي استقاها من تقارير للبنك الدولي، ولكن «نزاهة» لم تعطنا الأرقام الحقيقية إذا كان لديها أرقام عن حجم الفساد لدينا وتأثيره على دخل المواطن. الكثير لدينا يعولون على التعليم في معالجة قضيانا وأنه هو الركيزة الأساسية في ذلك، ولكن هذا باعتقادك تحميل التعليم ما لا يحتمل، إن القضية الأساسية التي تُعنى بمعالجة قضايانا ومنها الفساد هي تطبيق الأنظمة بكل صرامة وشفافية، فالأنظمة لدينا بكثرة ونسمعها على ألسنة مسؤولينا في كل كارثة تحدث لدينا، والسؤال لماذا لا تطبق هذه الأنظمة قبل حدوث الكوارث وكأنها تستخدم لتبرير تبرئة بعض المسؤولين. نود أن نرى تقويم المواطنين لأداء الأجهزة الحكومية لدينا في استطلاعات رأي تكون متاحة للجميع بالمشاركة، وأن تتبعها محاسبة لمن يقف على رأس تلك الجهات الرسمية، لأننا نعرف أن تلك الوزارات تعد لأشهر تقاريرها الجميلة والوردية عند عرضها ومناقشتها في مجلس الشورى، الذي قد يبدي بعض الملاحظات التي تنتهي في الغالب إلى لا شيء، إن مشاركة المواطن في محاربة الفساد مهمة، ولكن الوسائل لا تساعده في الوقت الحاضر. @akalalakl