لم يقف الجدل على المغرب العربي، بعد منع بعض الفنادق سباحة النساء بما يسمى «المايوه الإسلامي»، في مقابل السماح للأخريات بالسباحة، إذ امتد إلى عدد من البلدان العربية والإسلامية، بل وصل إلى عدد من الشواطئ الأوربية (وفقاً لبعض التقارير الصحافية). هناك من يرى منع المايوه الإسلامي نوعاًً من التمييز ضد المحجبات، وهناك من يرى أن المايوه ذاته نوعاً من التلاعب، باعتباره أقل خسارة دينية من المايوه الآخر، الذي يكشف كل الجسد غير الصدر والعورة المغلظة، إذ الرأي الشرعي في الجملة يرى أن سباحة النساء بأكملها مرفوضة شرعياً أمام الرجال. وتعود بداية القضية، وفقاً لبعض الصحف المغربية، إلى أن إحدى العائلات كانت في رحلة استجمام وسكنت في إحدى الفنادق لتستفيد من السباحة في البحر، لكنها فوجئت بقرار إدارة الفندق بمنع سيدة كانت ترتدي اللباس الشرعي من الدخول إلى المسبح، بعد ذلك شهد الأمر مناوشات من أحد أعضاء البرلمان المغربي. اللافت أن الصيف الحالي ارتفعت نسبة النساء اللاتي نزلن للبحر بملابسهن، وأصبحن يشكلن أغلبية المصطافات، بينما أصبح ارتداء المايوه استثناء على الشواطئ المغربية، واقتصر على السائحات والفتيات الصغيرات، كما نشر إعلامياً. الباحث الشرعي زيد الغنام يرى أن السباحة للنساء كغيرها من الأمور المباحة، ولكن لها ضوابط، فإن كانت أمام النساء فلا بد أن تتستر أثناء السباحة، وأن تخرج ما يخرج منها عادة أمام النساء، رافضاً خروج ظهرها أمام النساء، مع إقراره بأن هناك من الفقهاء من يرى بأن عورة المرأة أمام المرأة من السرة إلى الركبة، لكنه لم يتفق مع ذلك. ورفض في حديث ل«الحياة» سباحة المرأة أمام الرجال إطلاقاً، «السباحة أمام الرجال لا تجوز البتة، سواء بملابس المايوه الإسلامي أو المايوه الآخر، وهو أشد حرمة»، وعلل رفضه لما يسمى بالمايوه الإسلامي بأن الماء يؤدي إلى التصاق القماش بالجسم ما يظهر حجم جسم المرأة، وهذا مرفوض. ولفت إلى أنه لا يرفض رياضة المرأة مطلقاً، بل يرحب بها بضوابط، ولم يفضل سباحة المرأة أمام محارمها باستثناء زوجها، نظراً لأن السباحة أمام المحارم تخل بالآداب، لكنه لم يحرم ذلك. مركز الفتوى الإسلامي سئل حول حكم الإسلام في لبس البنطلون، وما هو اللبس الإسلامي للسباحة؟ وهل يباح لبس «المايوه»؟ فأوضح أن الواجب على الرجل والمرأة ستر العورة، وقد أجمع العلماء على وجوب ستر القبل والدبر، وأما الفخذ فمختلف فيه والصحيح أنه عورة، وبناء على ذلك فإن اللباس الإسلامي للسباحة هو كل لباس يستر العورة (ما بين السرة والركبة) على الصحيح من أقوال أهل العلم، هذا بالنسبة للرجل، وأما المرأة فكلها عورة، فلا يجوز أن تسبح أمام الرجال، خشية انكشاف شيء من عورتها، أما إذا كانت المرأة تسبح أمام النساء، ولا يراها إلا النساء فيجب عليها ستر ما بين السرة والركبة، أما «المايوه» فغالباً ما يكون قصيراً يكشف معظم الفخذ، وربما يكشف العورة المغلظة، فلا يجوز لبسه أمام الآخرين، عدا الزوجة لزوجها أو العكس. صحيفة «الاتحاد» الإماراتية فتحت باب المناقشة حول هذه القضية، وجمعت بعض الآراء بعد أن أوضحت أن ما يميز المايوه الإسلامي أو «البكيني» بأنه ذو رقبة عالية، وأكمام طويلة، وتنورة صغيرة، ترتدى فوق سروال طويل، كما أن له غطاء للرأس مضاد للماء، وعلى رغم ظهوره لأول مرة قبل أعوام، إلا أن الإقبال عليه أصبح متزايداً من جانب المتحجبات، وبات متوافراً بألوان مختلفة وتصاميم مبتكرة في فصل الصيف، خصوصاً في الدول العربية. أحد المشاركين اسمه عبدالله يرى أن المايوه الإسلامي لا يلبي شروط الزي الشرعي لسبب بسيط، هو أنه بمجرد النزول إلى الماء يلتصق بالجسم فيصف تقاطيع الجسم بعد البلل، الأمر الذي يفقده أحد الشروط الأساسية وهي أن لا يصف. المشاركة مريم تقول حول السباحة بالمايوه الإسلامي: «الصراحة أنا شايفة أنه ما فيه شي، خاصة أنه لبس طويل وواسع والقماش المصنوع منه خاص للسباحة، ترى ما يمتص الماء نفس القطن، منها نستمتع بالسباحة ومنها عندما أخرج من الماء ألبس العباءة». في حين تقول المشاركة نورة، عن نفسي مستحيل البسه مع أني أحب السباحة جداً، وتعلل ذلك بأن «اللبس بشكل عام راصٌّ بقوة على الجسم، يعني بعيد كل البعد عن الاحتشام من حيث فضفضة اللبس وعدم تحديد مناطق الجسم، وللي تبي تلبسه بحوض مخصص للنساء هذا شيء ثاني، أما بالأماكن العامة !! أحسها تلعب على عمرها». المختص الاجتماعي عبدالعزيز المنصور يعلل لبس النساء للمايوه الإسلامي، بأن المجتمعات العربية والإسلامية متدينة بطبيعتها، لكن سباحة المحتجبات أمام الرجال أمر مستغرب، إذ كيف تخفي شعرها، وجسدها يظهر بشكل أكثر فتنة من شعر الرأس، إلا أن الواضح برأي المنصور أنها رغبة في الاستمتاع بأقل خسائر دينية. ورأى في حديث ل«الحياة» أن المرأة أكثر إقبالاً على الجوانب الدينية من الرجل في العالم العربي، لذا تسعى في التوفيق وربما التلفيق بين رغباتها والمحافظة على الجانب الديني، واعتبر الجميل في مسألة المايوه الإسلامي، سعي البنات للاستقلال عن واقع الغرب في السباحة، وهذا بحد ذاته شيء جيد، إلا أنه يصطدم مع الجانب الشرعي.