السلام عليكم ورحمة الله و بركاته. انتشرت ظاهرة غريبة في مجتمعنا وهي ظاهرة (شباب الكول)، فما حكم من يفعل مثلهم في طريقة لبسهم، أو مشيهم، أو حركاتهم، وبخاصة في طريقة لبسهم، وأعني بذلك أن يكون السروال تحت خصره؟ أفيدونا أثابكم الله. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فالمصطلح المذكور في السؤال لا يلزم ارتباطه بالألبسة والتصرفات المذكورة؛ فهو لفظ دارج لم يحدد مدلوله (cooI). أما واقع التقليعات التي يقصدها السائل مثل لبس الشباب للسلاسل والأساور وقصات الشعر اللافتة للنَّظَر ومثل: لبس البنطال نازل الخصر (Iow waist) ومثل لبس البنطال المفتوح من الخلف، والذي هو في مجمله تقليد لفئة معينة من الناس، وهي طريقة برزت من الولاياتالمتحدةالأمريكية في الأصل. وهذه الظاهرة نوع من الضعف الذي تصاب به الأمة حين تقلد غيرها زاهدة في تراثها وثقافتها، ويزداد الأمر سوءاً حين يكون التقليد لمظاهر تدل على السلوك السيئ حتى عند تلك الأمم من تقليد الشاذين والمنحرفين اجتماعياً والمدمنين ونحوهم. لقد امتنَّ الله تعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس الذي يستر العورات، ويخفي السوآت، ويتجمل به الإنسان. قال تعالى: "يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشا". [الأعراف:26]. واللباس من العادات، والأصل فيها الإباحة، فللمرء أن يلبس ما يناسبه من اللباس إذا كان مباحاً. ولا يجوز للمرء أن يلبس محرماً، والمحرم أنواع منها: أن يكون لباس شهرة. ولباس الشهرة هو اللباس المتميز الذي يخالف المعتاد في لونه أو شكله، مثل الألبسة المذكورة في السؤال. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة" [سنن أبي دواد (4029)؛ سنن أحمد (2/139) بإسناد حسن]. ولابدّ في اللباس أن يستر العورة؛ لأن ستر العورة واجب، وستر العورة بأن يغطيها فلا يظهر منها شيء. عن بهز بن حكيم عن جده قال: قلت يا رسول الله! عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: "احفظ عورتك من زوجتك أو ما ملكت يمينك". قلت: فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: "إن استطعت أن لا يراها أحدٌ فلا يرينّها". قلت فإذا كان أحدنا خاليًا؟ قال: "فالله تعالى أحق أن يستحيى منه من الناس" [سنن أبي داود (4017)؛ سنن ابن ماجة (1920)؛ سنن الترمذي (2769)؛ مسند أحمد (5/4) وإسناده حسن]. - وعورة الرجل من السرة إلى الركبة. عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما تحت السُّرَّةِ إلى الركبة عورة" [سنن أبو داود (496)؛ سنن الدارقطني (1/230) بإسناد حسن]. فلا يجوز أن يكون الثوب واصفاً البشرة بأن يكون شفافاً أو رقيقاً يظهر منه لون البشرة. لأن هذا لا يستر العورة. ولابد أن لا يتقصد أن يتشبه بلباس الكفار. فالرجل والمرأة منهيان عن التشبّه بالكفار. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من تشبّه بقوم فهو منهم" [سنن أبي داود (5312)؛ مسند أحمد (2/50) بإسناد جيد]. ورأى النبي صلى الله عليه وسلم على بن عمرو ثوبين معصفرين فقال: "إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها" [صحيح مسلم (2077)]. فكل لباس مأخوذ من الكفار وهو من خصائصهم فلا يلبسه غيرهم غالباً فلبسه حرام على المسلم والمسلمة، إذا قصد التشبه بالكفار، أو كان اللباس مأخوذاً من أديانهم، أو له دلالة فكرية تخصهم، أما مجرد لبس ملابس الكفار فليس محرماً لذاته، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يغيّر ملابسه بعد البعثة ولا بعد الهجرة. ولا يجوز أن يتشبّه الرجال بالنساء، ولا النساء بالرجال. فلا يجوز للرجل أن يتشبه بالنساء في لباسهن، ولا يجوز للمرأة أن تتشبه بالرجل في لباسه. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبس الرجل" [سنن أبي داود (4098)؛ مسند أحمد (2/325) وإسناده صحيح]. وبعض الألبسة والأعمال المذكورة مطلع جوابنا فيه تشبه بالنساء، أو تشبه بالكفار، وهي بهذا ينهى عنها مع ما في لبسها من دلالة على ضعف الشخصيّة، وقلّة الاعتزاز بالمبدأ والثقافة التي ينتمي إليها الإنسان؛ لأنها ألبسة لم تقصد لجمالها، وإنما لما تحمله من دلالة. والله الموفق.