تجري الحكومة المغربية مفاوضات مع البنك الدولي و «صندوق النقد للحصول على مساعدة تقنية من مؤسسة «بروتين وودز»، ضمن برنامج لإصلاح صندوق المقاصة لدعم الأسعار الأساسية، بهدف تحويل الدعم المالي إلى الفئات الفقيرة، ورفعه تدريجاً على الشركات والطبقات الميسورة، وخفض عجز الموازنة من ستة في المئة العام الجاري إلى 4.8 في المئة من الناتج عام 2013. وكشفت مصادر مطلعة ل «الحياة»، أن الحكومة حصلت على موافقة الملك محمد السادس لمباشرة إصلاح صندوق المقاصة ورفع الدعم عن الشركات الكبيرة المستفيدة من حسابات الصندوق، وتحويله إلى الفئات المعوزة لتحسين مستوى معيشتهم، عبر منحهم معاشات شهرية تصرف من موازنة الصندوق، الذي خفضت الحكومة نفقاته إلى 40 بليون درهم (خمسة بلايين دولار) العام المقبل، بعد أن تجاوز الدعم سقف 50 بليون درهم (ستة بلايين دولار) هذه السنة، نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية في السوق الدولية للعام الثالث على التوالي. وتعتقد المصادر أن الموازنة المغربية لم تعد قادرة على مسايرة إيقاع ارتفاع المواد الأساسية في السوق الدولية، بسبب انعكاسها السلبي على نفقات دعم الأسعار محلياً من جهة، وتأثيرها في حساب المدفوعات الخارجية الذي قدر عجزه بتسعة في المئة من الناتج. وأوضحت أن زيادة أسعار المحروقات الصيف الماضي مكّنت الخزينة من استرجاع نحو تسعة بلايين درهم (أكثر من بليون دولار) من الدعم. وارتفعت أسعار بعض المواد الغذائية ومنها السكر من 190 دولاراً إلى 630 دولاراً للطن، وزادت أسعار القمح من 111 إلى 314 دولاراً. وشجع رفع الحكومة المغربية أسعار المحروقات، صندوق النقد على فتح خط ائتمان بقيمة 6.2 بليون دولار لمواجهة أي طارئ مالي خارجي بسبب تقلبات الأسعار الدولية وأزمة المال في الاتحاد الأوروبي. وأشارت مصادر برلمانية إلى أن شركات كبرى مثل «مجموعة المكتب الشريف للفوسفات» عبّرت عن نيتها التنازل عن الاستفادة من برامج الدعم، وتمنّت على الحكومة تحويله إلى الفقراء الذين لا يستفيدون سوى بنسبة تسعة في المئة من مجموع الدعم، الذي يفوق خمسين بليون درهم، بينما تحصل الشركات والفئات الأكثر استهلاكاً على نحو 45 في المئة من الدعم. وسيتم إشعار شركات تعمل في صناعة المشروبات الغازية، وأخرى في مجال الحلويات والشوكولا وعصير الفواكه والصناعات الغذائية، بالتقليص التدريجي لدعم أسعار السكر المستورد، وإخضاع الشركات العاملة في التصدير إلى ترخيص مسبق بالنسبة للمواد الحاصلة على الدعم. وتنتقد جهات اقتصادية وسياسية الحكومة، متخوفة من أن يتم استغلال قضية دعم الفقراء لأغراض غير تلك المعلنة، واعتماد المحاباة والقرابة في توزيع الدعم، فضلاً عن إمكان ارتفاع الأسعار بالنسبة للطبقات المتوسطة التي عليها تحمّل فارق الأسعار في مجالات حساسة. وكان قرار الحكومة زيادة ثمن المحروقات، أثار غضب الفئات المتوسطة، كما أدى إلى ارتفاع كلفة نقل الأشخاص والبضائع. وأفادت وزارة التخطيط في تقريرها الشهري بأن معدلات التضخم زادت بنسبة واحد في المئة، وبلغت 8.3 في المئة بالنسبة للخضار و2.2 في المئة للقهوة والشاي. وُسجل أعلى معدّل للتضخم في مراكش وبلغ 1.5 في المئة في تشرين الأول (أكتوبر). اقتراض خارجي من جهة أخرى أكدت مصادر حكومية ل «الحياة» أن الرباط تتفاوض مع مؤسسات مالية ومصرفية لطرح سندات اقتراض سيادية خارجية ببليون دولار، ستجمع في الولاياتالمتحدة ودول الخليج، بهدف مواجهة شحّ السيولة النقدية لدى المصارف التجارية، وإعادة تشكيل احتياط من العملات الصعبة. ويذكر أن الرباط تتجه للمرة الثالثة للحصول على قروض سيادية من السوق المالية الدولية، كما أنها المرة الأولى تقترض بالدولار بعدما جرت العادة أن يقترض المغرب باليورو.